أَن سارَ أَهْلِي فالدّهر يتّبعُ … يَشْهَد أَحْوَالِهِم ويستمعُ
يَأْخُذُ عَنْهُمْ فَنّ الْبَقَاء فَقَد … زَادُوا عَلَيْهِ الْكَثِيرُ وَابْتَدَعُوا
وكلّما همّ أَنْ يَقُولَ لهُم … بأَنّهم مَهزومونَ مَا اقتَنعوا
يسيرُ إنْ سَارُوا فِي مُظَاهَرَةٍ … فِي الخلفِ ، فِيه الْفُضُول والجزعُ
يكتبُ فِي دفترٍ طَرِيقَتِهِم … لعلّه فِي الدّروسِ يَنتفعُ
لَو صادَفَ الجَّمعُ الجيشَ يقصدُهُ … فإِنّهُ نَحوَ الجّيشِ يندفعُ ،
فَيَرْجِع الجُّندُ خطوَتَينِ فَقَط … ولكِنْ القَصْدُ أنّهُم رَجعوا
أرضٌ أُعيدت وَلَو لثانيةٍ … وَالْقَوْم عزلٌ وَالْجَيْش مُتْدرعُ
وَيُصْبِح الْغَاز فَوْقَهُم قطعاً … أَو السَّمَا فَوْقَه هِي القطعُ
وَتَطْلُب الرِّيح وَهِي نادرةٌ … لَيْسَت بِمَاء لكنّها جُرعُ
ثُمّ تَرَاهُم مِنْ تَحْتِهَا انْتَشَرُوا … كزئبق فِي الدّخان يلتمعُ
لِكَي يُضلّوا الرَّصَاص بينهمُ … تَكَاد مِنْه السُّقُوف تنخلعُ
حَتَّى تجلّت عَنْهُم وأوجهُهُم … زهرٌ ، وَوَجْه الزَّمَان منتقعُ
كَان شمساً أَعْطَت لَهُم عدةً … أَنْ يَطَّلِعَ الصُّبْح حَيْثُ مَا طَلَعُوا
تعرفُ أَسماءُهُم بِأعيُنِهِم … تنكّروا باللّثامِ أَو خَلًعوا
وَدَار مقلاعُ الطّفل فِي يَدِهِ … دَورة صوفيّ مسّه وَلًعُ
يُعلّم الدّهر أَنْ يَدُورَ عَلَى … مِن ظنّ أَن القويّ يمتنعُ
وَكُلّ طِفْلٍ فِي كفّه حَجَر … مُلَخَّص فِيه السَّهْل واليفعُ
جبالهم فِي الْأَيْدِي مُفَرَّقَة … وَأَمَرَهُمْ فِي الْجِبَالِ مُجتمعُ
يَأْتُونَ مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ زمراً … إلَى طَرِيقِ لِلَّه ترتفعُ
تَضِيق بِالنَّاس الطُّرُقِ أَنْ كَثُرُوا … وَهَذِه بِالزِّحَام تتّسعُ
إذَا رَأَوْهَا إمَامُهُم فَرِحُوا … وَلَمْ يُبَالُوا بِأَنَّهَا وجعُ
يُبَدُّون لِلْمَوْت أَنَّه عبثٌ … حَتَّى لَقَدْ كَاد الْمَوْت ينخدعُ
يَظَلّ مستغفراً كَذِي وَرَع … وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صِفَاتِهِ الورعُ
لَوْ كَانَ لِلْمَوْت أَمَرَه لغدت … عَلَى سوانا طُيُورِه تقعُ
أَعْدَاؤُنَا خَوْفِهِم لَهُمْ مَدَدٌ … لَوْ لَمْ يَخَافُوا الْأَقْوَام لانقطعوا
فخوفهم دِينِهِم وديدنهم … عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ يولدوا طُبِعُوا
قُل للعدا بَعْدَ كُلِّ مَعْرَكَة … جنودكم بِالسِّلَاحِ مَا صَنَعُوا
لَقَدْ عَرَفْنَا الْغُزَاة قَبْلَكُم … وَنَشْهَد اللَّهَ فِيكُمْ البدعُ
سِتُّون عاماً وَمَا بِكُمْ خجلٌ … الْمَوْت فِينَا وَفِيكُم الفزعُ
أخزاكم اللَّهُ فِي الْغُزَاةِ فَمَا … رَأَى الْوَرَى مِثْلُكُم وَلَا سَمِعُوا
حِين الشُّعُوب انتقت أَعَادِيهَا … لَمْ نَشْهَدْ الْقُرْعَة الَّتِي اقْتَرَعُوا
لَسْتُم بأكفائنا لنكرهكم … وَفِي عَدَاء الْوَضِيع مَا يضعُ
لَم نَلْق مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِنَّ كَثُرُوا … قوماً غَزَاة إذَا غَزْوًا هلعوا
وَنَحْنُ مِنْ هَا هُنَا قَدْ اخْتَلَفَتْ … قدماً عَلَيْنَا الْأَقْوَام والشيعُ
سِيرُوا بِهَا وَانْظُرُوا مَسَاجِدُهَا … أَعْمَامِهَا أَو أَخْوَالَهَا البيعُ
قَوْمِي تَرَى الطَّيْرِ فِي مَنَازِلِهِمْ … تَسِير بالشرعة الَّتِي شَرَعُوا
لَمْ تَنْبُتْ الْأَرْضُ الْقَوْمِ بَلْ نَبَتَت … مِنْهُمْ بِمَا شيدوا وَمَا زَرَعُوا
كَأَنَّهُم مِن غيومها انهمروا … كَأَنَّهُم مِن كهوفها نبعوا
وَالدَّهْر لَوْ سَارَ القَوْمُ يَتْبَع … يَشْهَد أَحْوَالِهِم ويستمعُ
يَأْخُذُ عَنْهُمْ فَنّ الْبَقَاء فَقَد … زَادُوا عَلَيْهِ الْكَثِيرُ وَابْتَدَعُوا
وَكُلَّمَا هَمَّ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ … بِأَنَّهُم مَهْزُومُون مَا اِقْتَنَعُوا .
اسم الاغنية : ان سار اهلي
كاتب الاغنية : غير معروف
ملحن الاغنية : غير معروف
غناء : تميم البرغوثي