يَمتاز نظام الميراث في الإسلام عن غيره من الأنظمة الوضعيّة الخاصة بالتّوريث؛ فلم يجعل تقسيم الميراث بيد مالك المال حتّى يُورّثه لمن يشاء أو يحرم منه من يشاء، وكذلك لم يجعله بيد نبيّ أو ملك أو غيرهم؛ بل إنّ الله عز وجل نظَّم عمليّة التّوارث بنظامٍ شديد الدّقة، وهو يمتاز بخصائص لم ينلها أيّ نظامٍ إرثيٍّ آخر في أيّ ديانةٍ غير الإسلام، ومن عظيم العدالة الإلهية أن جعل توزيع الأنصبة في النظام الإرثيّ عائدٌ للمسؤوليّات الاجتماعيّة والماليّة التي تجب على كلِّ وريث، فأعطى الرجل ضعف ما أعطى المرأة إذا تساويا في الدرجة، كالأخ وأخته، أما إذا اختلفت الدرجة فقد كان أساس التوزيع قائماً على درجة قرابة الوارث من المورِّث؛ فالبنت تأخذ أضعاف ما يأخذه عمّها من تركة والدها المُتوفّى، بينما يَحجب الابن عمّه إذا تُوفّي والده فلا يرث من تركته شيئاً، وقد وضَّحت الآيات القرآنيّة مقادير الأنصبة في الإرث ومُستحقّي الإرث فرضاً وتعصيباً، أمّا نصيب الابن من الميراث فإن له أحوالاً بحسب حاله وظروف المُتوفّى من حيث عدد الأبناء.
ورد ذكر أصحاب الفروض الذين لهم نصيبٌ مُحّددٌ، والعصبات الذين لهم نصيبٌ شائعٌ من تركة المُتوفّى في العديد من المواضع من كتاب الله، حيث لم يبقَ صاحب حقٍّ في الإرث والميراث إلا بيّنه كتاب الله عزّ وجل، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أزواجكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)
يُستحقُّ الميراث ويَثبت للوارث بعدّة طرق، منها ما يأتي: