كن صادقا مع نفسك

الكاتب: المدير -
كن صادقا مع نفسك
"كن صادقًا مع نفسك



ما أكثرَ الأعذارَ التي يحاول البعض أن يُسكت بها تأنيب ضميره، محاولًا أن يُبرِّر تقصيره في أداء واجباته! فإذا سأله مَنْ حوله عن ذلك التقصير لاحقهم بسيلٍ من الأعذار، وإذا عاتبوه هاج وغضب، فكيف تُعاتبه وهو صاحب عذر؟! وإذا برَّر تقصيره بمبرِّرات واهية، فناقَشوه فيها، كان كالإعصار الهادر، واتهمهم بعدم الشعور به وبما يعانيه.

 

تسألها: لماذا تتهاونين في الصلاة وخصوصًا صلاة الفجر؟
فتجيب متذمِّرةً: لا أحد يشعُر بما أبذله من مجهود مع الصغار طوال اليوم، فلا أجد حتى وقتًا للصلاة، ولا أنام إلا قبل أذان الفجر بقليل، فكيف أستيقظ؟!


ولو بكى طفلُها أو كان مريضًا أو كان استيقاظها لرحلة أو لقاء عمل أو موعدٍ مهم، أو حتى حلقة مسلسل تخشى أن تضيع لاستيقظت مهما تأخَّرت في نومها!



وغيرها يعتذر عن تأخُّره في أداء الصلوات في أوقاتها بانشغاله في الدراسة أو العمل، ووجوده خارج البيت، ولا مكان يصلي فيه.
ولو كانت الصلاة من أولوياته واهتماماته لوجد لها وقتًا ومكانًا؛ ولكن هي القلوب التي ابتعدت، وانطبع ذلك على الجوارح ففرَّطَتْ، وتحركت الألسنةُ فبرَّرت.


وإذا استنكر الزوج على زوجته: لماذا البيت غير مرتَّب، وأعمال البيت لم تنتهِ؟
احتجَّت قائلة: لا أحد يشعُر بتعبي، وضيق وقتي، وكثرة مسؤولياتي مع العلم أنها استيقظت متأخِّرة، ثم تابعت وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدثت في الهاتف مع صديقاتها.


فإذا لمح لها بذلك ثارَتْ وقالت: حتى القليل من الراحة والترفيه عن نفسي تريد أن تحرمني منه؟!
لا نجد وقتًا للصلاة ولا للعبادة وصلة الأرحام، ولا لمتابعة مسؤولياتنا وأداء واجباتنا، أو التطوير من أنفسنا؛ لكن لدينا وقت لمتابعة المسلسلات والبرامج، وقضاء الساعات مع وسائل التواصل - الواتس آب والفيس بوك والانستغرام وتويتر وغيرها - أو الحديث في الهاتف لأوقات طويلة في كلام لا طائل منه!


يتأخَّر في إنهاء مهام عمله، وإذا عاتبه رئيسه تبرَّم واعترض، واعتبر ذلك إهانةً له؛ فهو لم يُقصِّر أبدًا؛ وإنما لم يكفِ الوقت لإنجازها؛ ولكنه يتناسى كم من الوقت ضاع بسبب حديثه الجانبي مع زملائه، وتنقُّلاته من مكتب لآخر يَسْمُر مع أقرانه حتى ضاع النهار.


تراه مكتئبًا، حياته متوقِّفة، ومسؤولياته مُهْمَلة، فإذا نصحته قال: أنا حزين مهموم لا رغبة لي في عمل شيء ولن أستطيع حتى لو حاولت، فهذه طبيعتي إذا اكتأبت؛ قَاوِم ذلك الشعور، فلماذا تسجن نفسك خلف أسوار الحزن وتُكَبِّل يديك بأغلال اليأس؟!


تسأله: لماذا توقفت عن حفظ القرآن؟
فيجيب أتمنَّى أن أعود لحفظه، ولكن من أين لي بالوقت؟!


ولو صدق في رغبته لوجد الوقت في دقائق يستيقظ فيها مبكرًا، أو في وسائل المواصلات أو غيرها.
تتعجَّب من حالها: لماذا رجعتي القهقرى بعد الالتزام والقرب من الله؟!


والإجابة: لا أجد مَنْ يعينني على الطاعة، وأنا أسبح عكس التيار وحدي فالعائلة والمجتمع ضدِّي.


آسيا كانت زوجة فرعون ومع ذلك ثبتت، وابن نوح عليه السلام أبوه نبيٌّ ومع ذلك كان كافرًا، فلا حجَّة لكِ بعدم وجود مَنْ يُعينك على الطاعة، فكل ما تحتاجين إليه الثبات والعزيمة الصادقة.


تدعوه لكفالة يتيم أو مساعدة محتاج فيعتذر متذمِّرًا من ضيق المعيشة وغلاء الأسعار؛ ولكنه لم يتذكَّر المبالغ التي دفعها للسفر للنزهة أو شراء كماليات ورفاهيات!


تقابله فتعاتبه على عدم السؤال عنك أثناء مرضك، فيتعلَّل بأنك دائمًا ما تأتي على باله، وأنه كان ينوي الاتصال والاطمئنان ولكنها المشاغل!


وهكذا نعيش حياتنا في دوَّامة من الأعذار؛ لنبرِّر تقصيرنا في حق الله وحق غيرنا، ولنحمي أنفسنا من إحساس الشعور بالذنب على أخطائنا، كثير غيرك لديهم ظروفك نفسها؛ بل أقسى وأصعب، وتضيق عليهم الأوقات بما فيها من أعباء ومسؤوليات، ومع ذلك استطاعوا فعل ما تُبرِّر تقصيرك فيه.


إن ضيق الوقت ليس عذرًا، فبإمكانك تنظيم يومك وتحديد أولويَّاتك، والتخلِّي أو التقليل من الأمور التي تقتل الوقت بلا فائدة، واستغلال ذلك الوقت فيما يفيد.


ابتلاؤك وظروفك ومشاكلك ليست مبررًا؛ بل دافع يدفعك للأمام، والتغلب على كل ذلك، والبحث عن المنح بين طيَّات المحن.


دمَّرنا حياتنا، وقصَّرنا في واجباتنا، وأخطأنا كثيرًا في حقِّ أنفسنا وحقوق غيرنا بسبب أعذار واهية لا حقيقة لها؛ وإنما لإسكات أصوات ضمائرنا.


والحقيقة التي نغفل عنها أن من يرغب في فعل شيء مهما كانت المعوِّقات، وكانت لديه عزيمة صادقة لا أماني كاذبة، سيستطيع القيام به إذا استعان بالله، واعترف بالتقصير، وترك المبرِّرات، وحدَّد الأولويَّات، ونظَّم الأوقات.

 

فاصدق مع نفسك، وانفض عنك غبار الوهن والكسل والعجز، وامضِ قدمًا؛ فأنت لها لو أردْتَ بصِدْقٍ.


"
شارك المقالة:
21 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook