الناسور الشعري أو الكيسة الشعريَّة، والمعروف أيضاً باسم الناسور العصعصي، أو كيس الشعر (بالإنجليزية: Pilonidal cyst) هو عبارة عن كيس أو جيب غير طبيعي يظهر في الجلد عادة في الجزء القريب من عظم العصعص، وتحديداً في المنطقة العلويَّة من ثنية الأرداف، ويترواح حجم كيس الشعر غالباً بين الحجم الصغير جدّاً والكتلة الكبيرة التي تُسبِّب الألم، وفي الحقيقة تحدث الإصابة بمرض الناسور الشعري أو كيس الشعر بنسبة 26 شخصاً لكلِّ 100 ألف شخص، فبين البالغين غالباً ما تكون احتماليَّة ظهور كيس الشعر عند الرجال أعلى مقارنة بظهوره عند النساء بنسبة أربعة رجال إلى إمرأة واحدة تقريباً، وعادة ما يظهر كيس الشعر بين الأفراد من ذوي البشرة البيضاء في أواخر مرحلة المراهقة إلى أوائل العشرينات، وتنخفض احتماليَّة ظهوره بعد تجاوز عمر 25 عاماً، ولكنَّه نادراً ما يصيب الأفراد بعد سنِّ 45 عاماً، أما بين الأطفال فمن المُرجَّح ظهور كيس الشعر عند الفتيات بشكل أكبر مقارنة بظهوره عند الذكور.
من الجدير بالذكر أنَّ وجود كيس الشعر لا يرافقه ظهور أعراض إلا في حالة إصابته بالعدوى، وعندها يُكوِّن خراجاً يُسبِّب الألم الشديد، بالإضافة إلى احتماليَّة ظهور أعراض أخرى، ومنها ما يأتي
إنَّ السبب الدقيق الذي يُفسِّر ظهور كيس الشعر غير واضح تماماً،ولكن يعتقد الخبراء بأنَّ كيس الشعر يتشكَّل بواحدة من الطرق الثلاث الموضَّحة فيما يأتي:
إضافة إلى ما سبق توجد بعض من عوامل الخطورة المحتملة التي قد تزيد من فرصة تطوُّر كيس الشعر، منها الجلوس لفترات طويلة، والاحتكاك،واتباع نمط حياة يخلو من النشاط،والإصابة بالسمنة، وسوء النظافة، ولكن تجب الإشارة إلى أنَّ العديد من حالات تكوُّن كيس الشعر ليس لها علاقة بسوء النظافة، بل يُظهر العديد من المصابين اهتماماً بالتغسيل المنتظم.
يُستخدَم الفحص الجسدي لتشخيص وجود كيس الشعر، إذ يتمكَّن الطبيب ذو الخبرة الكافية من تمييز كيس الشعر عن غيره من الأكياس التي تشبهه بالمظهر، مثل الكيسة الجلدانيَّة (بالإنجليزية: Dermoid cyst)، والورم المسخي العجزي العصعصي (بالإنجليزية: Sacrococcygeal teratoma)، وهو أمر في غاية الأهمِّية؛ نظراً لأنَّ كلَّ نوع من هذه الأكياس يتطلَّب طريقة علاجيَّة مختلفة، ومن جانب آخر قد يُجرَى تحليل الدم في الحالات التي يكون فيها الكيس مصاباً بالعدوى، وإلى جانب الفحص الجسدي قد يشخِّص الطبيب وجود كيس الشعر عن طريق طرح عدد من الأسئلة المختلفة التي تدور حول أنواع الأدوية أو المكمِّلات التي يتناولها الفرد، ووقت بدء ظهور أوَّل الأعراض، وإذا كان يعاني من الحُمَّى، أو قد تعرَّض لنفس المشكلة مسبقاً.
ينحصر علاج كيس الشعر غير المصاب بالعدوى بالتركيز على إزالة الشعر الزائد، والاهتمام بالنظافة الشخصيَّة الجيِّدة، فمن الممكن أن تساهم هذه العوامل في إزالة كيس الشعر، أو منع إصابته بالعدوى، ومن ناحية أخرى قد تُستخدَم المضادَّات الحيويَّة في علاج كيس الشعر المصاب بالعدوى، إلا أنَّها تكون أحياناً غير كافية لعلاج العدوى في كيس الشعر، وذلك في الحالات التي يتحوَّل فيها الكيس المصاب بالعدوى إلى خرَّاج مكوَّن من القيح ومواد أخرى مُعدية، والتي قد تزيد من مقدار الألم والانتفاخ في المنطقة المصابة في حال عدم تصريفها، لذا قد يستدعي العلاج أيضاً شقَّ الكيس وتصريف محتواه من القيح والمواد المعدية لضمان علاجه وشفائه.
ويُعدُّ تكرار ظهور كيس الشعر عند المصاب أمراً شائعاً، وفي هذه الحالة قد يستدعي الأمر إجراء جراحة أوسع تهدف إلى إزالة كامل الكيس، وقد يختار الطبيب بعد إنهاء الجراحة ترك الجرح مفتوحاً ومحشُوّاً بالضمَّاد، ليسمح بشفائه من الداخل إلى الخارج، فعادة تكون احتماليَّة تكرار حدوث عدوى كيس الشعر أقل عند اتباع هذا الأسلوب في تضميد الجرح، إلا أنَّ فترة تعافي الجرح تكون أطول، ومن جانب آخر قد يتبع الطبيب أحياناً طريقة إغلاق الجرح بواسطة الغرز، وبالرغم من فعاليَّة هذه الطريقة في تقليل الوقت المستغرق لشفاء الجرح، فإنَّ خطورة تكرار ظهور الكيس مرَّة أخرى تكون أكبر في هذه الحالة، وتجب الإشارة إلى أنَّ إجراء الشقِّ الجراحي إلى جانب ثنية الأرداف يُصعِّب عمليَّة الشفاء.
ويجدر التنبيه إلى ضرورة العناية بالجرح بعد انتهاء الجراحة، إذ يُقدِّم الطبيب أو الممرض مجموعة من التعليمات المُفصَّلة حول كيفيَّة تغيير الضمَّاد، وتوضيح الحالة التي تستدعي الاتصال بالطبيب، والتوقُّعات المرجوَّة من عمليَّة تعافي الجرح الطبيعيَّة، وقد تُقدَّم توصيات أيضاً بشأن حلاقة الشعر حول منطقة الجراحة بهدف منع دخوله إلى الجرح