تُعدّ المعاصي والذّنوب من أدران النّفس وآفاتها، وأوّل معصيةٍ كانت على الإطلاق هي معصية إبليسَ لعنه الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسّجود لآدمَ الذي خلقه بيديه من ترابٍ، فتكبَّر إبليس ورفض أمر الله عزَّ وجلّ، فاستحقّ مقابل تلك المعصية اللّعنةَ والطّرد من الجنّة بعد أن كان من مُقرّبي الجنّ، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ*فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ*قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ*قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ*وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)،فكانت أوّل معصيةٍ يُعصى بها الله سبحانه وتعالى عائدةً إلى الكِبر.
إن فُقد أحد تلك الشّروط التي ذُكِرت فإنّ التوبة لم تصحّ، ولم تُقبَل، أمّا إن كان للذّنب بحقّ أحد البشر فيُشترَط بالإضافة إلى ما ذُكر أن يعيد المُذنب الحقّ إلى صاحبه، أو يبرأ منه بالمسامحة إن كان حقّاً معنويّاً، والتوبة النّصوح تستوجب ثلاثة أمور، هي: التوبة من الذنوب والمعاصي جميعها التي ارتكبها في حياته دون استثناء شيءٍ منها، والعزم على التوبة صادقاً، وأن تكون التوبة خالصةً لله جلّ وعلاحيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)