يقع المسرح في منطقة كوم الدكة، والتي تم اطلاق هذا الاسم عليها عندما مرّ عليها المؤرخ النويري السكندري، وشاهد تل مرتفع من التراب يشبه الدكه، والذي نتج عن عملية حفر ترعة المحمودية، في عهد محمد علي والتي كونت أكوام من التراب المدكوك.
وقد صدر قرار بإزالة ذلك التل الترابي، تمهيدًا لإنشاء مبني حكومي في هذه المنطقة، وأثناء وأثناء دق الخوازيق لوضع الاثاثات، اصطدمت الآلات بأجزاء صلبة تحت الأرض من جهة الجنوب والشرق، مما أكد للعاملين والمشرفين علي العمل، بوجود كيان معماري آخر في هذا الموقع.
وبالفعل بدأت أعمال الحفر والتنقيب بواسطة المتحف اليوناني الروماني، ممثلا عن مصلحة الاثار المصرية، والبعثة البولندية ممثلاً عن مركز أثار البحر المتوسط، لتكشف لنا عن أروع طراز معماري فريد من أهم الأثار المصرية الرومانية
وفي شهر فبراير عام 2004م، وبعد 30عامًا من التنقيب والحفر والبحث، مشاركة بين جامعة الإسكندرية والبعثة البولندية، تم الكشف عن وجود قاعات للدراسة بجوار هذا المدرج الرخامي، وهو ماغير الفكرة السائدة بأن المدرج الرومانى مسرح، بل من الممكن أنه كان يستخدم كقاعة محاضرات كبيرة للطلاب، وفى الاحتفالات يستخدم كمسرح.
تم تصميم المسرح الروماني بشكل اتخذ فيه المدرج هيئة حدوة حصان، أو حرف U ويتكون المسرح من ثلاثة عشر صفًا من المدرجات الرخامية، تم ترقيمها لتنظيم عملية الجلوس، بأرقام وحروف يونانية، بدايتها من الأسفل إلى الأعلى.
كما يتسع المدرج لحوالي 600 شخص، ويوجد أعلي هذه المدرجات خمس مقصورات، لكن لم يتبق منها الا مقصورتان فقط، حيث سقطت الثلاث الأخري منها، علي أثر زلازل قوية ضربت الإسكندرية في القرن السادس الميلادي.
وسقف هذه المقصورات يعلوه قباب تستند على مجموعة من الأعمدة، والهدف من بناء هذه القباب، أن تعمل كمظلة تحمي الجالسين من الشمس الحارة أو الأمطار، إضافة إلي عملها الرئيسي كموصل جيد للصوت.
وتقع منصة المسرح الروماني المصنوعة من الخشب، في منتصف المدرج الرخامي، وتبلغ مساحتها 45 مترًا، وبعمق يقدر بحوالي 38 مترًا، مثبتة على دعامتان مصنوعتان من الرخام، وهي المكان المخصص للعازفين آنذاك، ويزين المسرح مدخل به صالتان مصنوعان من الموزايكو به نقوش هندسية رائعة.
المسرح الروماني بالاسكندرية ، هو طراز معماري فريد، للمهتمين بفن العمارة، سواء من ناحية مواد البناء، أو العناصر المعمارية التي استخدمت فيه، مقارنة بالمباني الأخري، التي أنشئت في هذه الحقبة، فمن خلال الرسومات والزخارف والنقوش الموجودة على أجزاء هذا الأثر، تم الدلالة عل أن ثلاثة عصور مرت على المسرح الروماني بالاسكندرية ، العصر الروماني، والعصر البطلمي، والعصر البيزنطي المسيحي، والعصر الإسلامي، مماجعله أثر متفرد.
ولدارسي فن العمارة، فقد تظهر عظمة المسرح الروماني بالاسكندرية ، في فكرة استناد المدرجات على الجدار المصنوع من الحجر الجيري، ويحيط به جدار آخر، وقد تم الربط بين الجدارين بمجموعة من الأقبية، حيث يعتبر الجدار الخارجى، دُعامة لتقوية الجدار الداخلي.
حتى مداميك الطوب الأحمر، التي كانت سائدة في انشاء المباني الرومانية آنذاك، كان لها دور معماري في تقوية المسرح الروماني بالاسكندرية ، إضافة إلى اعطاء المسرح شكل جمالي، وبين الجدارين ممر تعلوه أقبية ليستخدمه العاملون بالمسرح.
وللمهتمين بتاريخ مصر، فقد تعاقبت العصور على المسرح الروماني بالاسكندرية، فالعصر الروماني تظهر بصماته بوضوح، على المبنى حيث يوجد مدخلين للمبنى واحد منهما جهه الشمال، والاخر جهه الجنوب، اضافة إلى حجرتين كبيرتين أيضًا في المدخل، أحدهما جهه الجنوب، والأخرى جهه الشمال، وهما أماكن الانتظار آنذاك.
ومرور العصر البيزينطي على هذا الأثر الفريد الطراز، تظهر بصماته واضحة أيضًا، حيث يوجد على فتحات مدخل المسرح الروماني شعار الدولة البيزنطية، وهو صليب داخل دائرة، فالصليب شعار الدولة المسيحية، والدائرة هي هالة النور الدالة علي وجه المسيح.
إضافة إلي الحروف اليونانية القديمة المنقوشة علي احدي المدرجات، تميزه عن المدرجات الأخرى، علامة على النصر لحزب ما على الحزب الآخر، وتلك دلالة على أن هذا الأثر قد استخدم بصفة سياسية رسمية في العصر البيزنطي، كصالة للاجتماعات الهامة.
يفتح المسرح أبوابه يوميًا للزوار، من الساعة الثامنة صباحًا، وحتى الساعة الخامسة مساءًا، والدخول مجاني للجميع.