إنّ من أعظم العبادات عند الله عز وجل قراءة كتابه الكريم، وختمه، وتدبُّره، والعمل به، ولهذه العبادة فضل كبير، ومكانة عظيمة في الإسلام، وقد أعدَّ الله تبارك وتعالى لقارئ القرآن أجرًا كبيرًا، وثوابًا جزيلًا في الدنيا والآخرة، ففي كلّ حرف من القرآن حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء؛ إذ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: « من قرأ حرفًا من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشْرِ أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف » [صحَّحه الألباني]، وفي القرآن شفاء لما في الصدور، وشفاء لما في الأبدان، وفيه هدىً ورحمة من رب العالمين؛ إذ قال رب العالمين: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82].
ويستحبّ للمسلم أن يختم القرآن في أسبوع، أو في شهر، أو في أربعين يومًا، فهذا ما ورد في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ذهب بعض العلماء إلى أنّ ختم القرآن في أسبوع هو الأفضل، والأكثر استحبابًا، واستدلُّوا على هذا بحديث عبد الله بن عمرو الذي قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « اقْرَأ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ » قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً... حَتَّى قَالَ « فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ » [رواه البخاري].
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قراءة القرآن وختمه في أقلّ من ثلاثة أيام؛ إذ قال رسول الله: « لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ » [صحَّحه الألباني]، فقراءة القرآن في أقلّ من ثلاثة أيام لا تجعل القارئ يتدبَّر القرآن جيدًا، ويفقه ما فيه؛ ولذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنها.
وقراءة القرآن في سبعة أيّام هي أفضل قراءة، وهناك طرق كثيرة يمكن اتباعها لختم القرآن في أسبوع، ولكن الطريقة الأفضل، والأَوْلى بالاتباع هي طريقة الصحابة، والسلف الصالح رضوان الله عليهم، فقد ثبت عن الكثير من الصحابة، والسلف الصالح أنهم كانوا يقرؤون القرآن ويختمونه في أسبوع، وأنّهم كانوا يُقَسِّمون القرآن إلى سبعة أحزاب، ويقرؤون في كلّ يوم حزبًا، حتى يختمونه في اليوم السابع، والتَّحْزيب الذي اتبعه الصحابة مختلف عن التَّحْزيب الموجود في المصاحف اليوم، فقد كان الصحابة يُحَزِّبون القرآن على النحو التالي: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المُفَصَّل.
وفي اليوم الأول كان الصحابة يقرؤون سورة الفاتحة، والسور الثلاث التي بعدها، وهي: البقرة، وآل عمران، والنساء، وفي اليوم الثاني كانوا يقرؤون السور الخمس التي تأتي بعد سورة النساء، وهكذا، إلى أن يصلوا في اليوم السابع إلى حزب المُفَصَّل الذي يبدأ من سورة ق، ويستمر حتى نهاية القرآن.
وتتوضَّح طريقة ختم الصحابة للقرآن في أسبوع بما يلي:
موسوعة موضوع