سمّيت التراويح بذلك؛ لأنّ المصلّين كانوا يستريحون فيها بعد كل أربع ركعات؛ لطول وقوفهم فيها، وقد ابتدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بأدائها، وجعلها سنّةً للمسلمين من بعده، وبيّن فضلها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، فأداء صلاة التراويح، والتصديق بها، والاعتقاد بفضلها، يعدّ إخلاصاً لله -تعالى-، يوجب مغفرته وعفوه عن الذنوب التي اقترفها العبد، والغفران هنا مختصٌّ بالصغائر لا الكبائر.
تختصّ صلاة التراويح بعدّةِ أمورٍ لا بدّ للمسلم مراعاتها عند أدائه لها، وبيان هذه الأمور فيما يأتي:
يجوز للرجل أن يؤدّي صلاة التراويح منفرداً إن فاتته الجماعة، ويجوز له أدائها في البيت؛ لأنها من صلوات النوافل، مع أفضلية صلاتها في المسجد مع الإمام؛ اقتداءاً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمّا المرأة فإن الأفضل لها أن تؤدّي صلاة التراويح في بيتها، ويجوز لها الخروج إلى المسجد لأدائها بشرط إذن وليّها بالخروج، والالتزام بالضوابط التي نصّت عليها الشريعة عند خروج المرأة من المنزل.
ذهب الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أن أداء صلاة التراويح في جماعةٍ سنّة، وذلك لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذهب الحنفية إلى أنّ صلاة التراويح في جماعة سنّةٌ على الكفاية؛ فلو صلّاها بعض أهل المنطقة في المسجد، وصلّاها بقية الناس منفردين في بيوتهم فإنهم لا يكونون تاركين للسنة، وقد ورد عن بعض الصحابة أنهم صلّوها منفردين، وذهب المالكية إلى أنّ أداء صلاة التراويح للمنفرد في البيت أفضل.
كيفية أداء التراويح جماعة في البيت للرجال
يكون وقوف المأمومين مع الإمام بحسب عددهم؛ فإن صلّى مع الإمام رجلٌ واحدٌ فيقف على يمينه محاذياً له، وإن صلّى مع الإمام رجلان فأكثر فإنهما يقفان خلفه في صفٍّ واحدٍ باتّفاق العلماء من الصحابة وغيرهم، وذهب الصحابي عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- إلى أنهما يقفان على جنبي الإمام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وإن صلى مع الإمام ثلاثةٌ فأكثر فإنهم يقفون خلفه باتفاق أهل العلم، ويجب على المأموم أن يُتابع إمامه في جميع أفعاله؛ لأمرالنبي -صلى الله عليه وسلم- بمتابعة الإمام، فلا يجوز للمأموم أن يسبق الإمام في أفعال الصلاة، ولا أن يجاريه فيها، ولا أن يتأخّر عنه، وإنما يأتي بالفعل بعد أداء الإمام له مباشرة، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ به، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا).
كيفية أداء التراويح جماعة في البيت للنساء
يجوز للنساء أداء صلاة التراويح في البيت في جماعة، فتقِف المرأة التي تؤمّ النساء في الوسط، ولا تقف أمامهنّ، كما يجوز للمرأة التي تؤمّ النساء أن ترفع صوتها بالتكبير، وتجهر بقراءة القرآن؛ لتستفيد النساء من قراءتها، وهذا الأمر مرويٌّ عن عائشة -رضي الله عنها-، وعن عددٍ من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، رَوَت رائطة الحنفية: (أنَّ عائشةَ -رضِي اللهُ عنها- أمَّتْ نِسوةً في الصَّلاةِ المكتوبةِ، فأَمَّتْهُنَّ بينَهنَّ وسَطًا)، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابية أم ورقة -رضي الله عنها- أن تؤمّ أهل بيتها في الصلاة.
موسوعة موضوع