كيفية الاحتفال بالعيدين بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
كيفية الاحتفال بالعيدين بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

كيفية الاحتفال بالعيدين بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
تُعد الأعياد مناسبة مهمة ولها في السابق طعم خاص؛ ففيها شعور وفرحة بإكمال شعائر دينية فرضها الله عزَّ وجلَّ، كما أنّ العيد فرصة للالتقاء ولمّ الشمل. ونتيجة لقلة وسائل النقل قديمًا وعدم توافرها في بعض المناطق، وكذلك افتقاد وسائل الاتصال الحديثة مثل الهاتف انقطع الناس بعضهم عن بعض فترات طويلة تصل إلى أشهر أو سنوات، فكانت الأعياد فرصة كبيرة للقاء الأقارب والأصدقاء وتبادل الزيارات.
 
ولضعف الحالة الاقتصادية في ذلك الوقت كان الناس يجدون صعوبة في شراء الملابس واقتنائها، فكان كثير منهم - سواء من الرجال أو النساء صغارًا أو كبارًا - لا يتوافر لديهم من الملابس إلا ثوب واحد؛ لذا فالعيد كان فرصة لاقتناء الملابس الجديدة من ثوب وغترة أو دراعة للمرأة.
 
وكان جميع أفراد الأسرة يستقبلون العيدين استقبالاً يليق بالمناسبة، فكل فرد له دور في ذلك؛ فالرجل يقوم بشراء كمية كافية من البن والهيل والقهوة والشاي وطيب العود والعطور، وشراء الملابس لأفراد الأسرة، وأخذ الأدوات التي تتطلب إصلاحًا أو جليًا مثل دلال القهوة والأباريق إلى الحرفيين لإصلاحها وتزيينها، ويقوم بعض الأسر بشرائها جديدة.
 
ومن مظاهر الاستعداد للعيد أن تقوم ربة البيت بتهيئة المنـزل؛ فقبل العيد بيوم أو يومين تقوم هي وبناتها - إذا كان لديها بنات، وفي بعض الأحيان تساعدها قريباتها أو جاراتها - بتنظيف جميع أجزاء المنـزل والأثاث، وغسل الزوالي والسجاد، ورش الأرض والسطوح بالماء، ونفض الحُصُر والبُسُط، والتأكد من صلاحية الوسائد والمخدات، كما تقوم بتحميص (حمس) البن وتجهيز القهوة والهيل والسكر والشاي ووضعها في أوانيها الخاصّة بها، كما تقوم بالتأكد من صلاحية أدوات إعداد القهوة والشاي وجلي الدلال.
 
وتُعد الأعياد مناسبات اقتصادية مهمة؛ إذ تنتشر حركة البيع والشراء لمختلف السلع والبضائع، وتزدحم الأسواق في الأيام التي تسبق العيد، ويبلغ الازدحام ذروته ليلة العيد، فتكون الأسواق مُضاءة بالفوانيس والأتاريك حتى اقتراب الفجر، كما تزدحم محال الحلاقين قبل العيد بيوم أو يومين بالرجال والشباب والأطفال الراغبين في حلق شعورهم أو تحسينها، وقد تصل فترة الانتظار حتى يحين الدور إلى ساعات.
 
وفي ليلة العيد يذهب الرجال والشباب إلى عيون المياه وينابيعها للاستحمام، كما تحرص النساء على إعداد عجينة الحنّاء وأدوات التزيين ويقمن بتخضيب أيديهن وأرجلهن قبل النوم، وكثيرًا ما تجتمع مجموعة من النسوة - سواء بحكم القرابة أو الجيرة في بيت إحداهن - لإعداد الحنّاء أو لمساعدة بعضهن بعضًا، كما يقوم بعض المسنين من الرجال والنساء بتخضيب (تحنية) شعورهم لإخفاء الشيب.
 
وفي ليلة العيد يكون للمسحّراتي دورٌ في إضفاء طابع مميز؛ فنظرًا إلى عدم توافر الاتصالات الحديثة في السابق وندرة وسائل الإعلام كان المسحّراتي يخبر الناس بالعيد، فيجوب الأحياء بحماره أو بعربة القاري التي استُخدمت بعد توسع الأحياء وامتدادها، مُعلنًا حلول العيد ومرددًا بعض الأهازيج المناسبة لهذه الليلة، وتقديرًا لما قام به المسحراتي طيلة أيام رمضان في إيقاظ الصائمين للسحور يُعطى (عيدية) خاصة من المؤن الغذائية مثل الأرز أو الدقيق يحملها في أكياس ويضعها على حماره أو على عربة تُسمى (القاري).
 
وفي صباح يوم العيد يلبس الجميع - صغارًا وكبارًا - الملابس الجديدة التي تم شراؤها لهذه المناسبة من ثوب وغترة ونحوهما، وكذلك تلبس النساء أجمل ما لديهن من ثياب وحلي، ثم يذهب الرجال وأبناؤهم لأداء صلاة العيد في المسجد، وفي السابق كان يوجد مسجد واحد في البلدة يؤمه الناس هو مسجد العيد، لذا فإن معظم سكان البلدة كانوا يلتقون فيه، وبعد أداء صلاة العيد يقومون بالسلام بعضهم على بعض والتهنئة بالعيد، وبعد الصلاة يقوم أعيان البلدة وكبارها وعمداء الأحياء (الحارات) بزيارة أمير البلدة والقاضي للسلام عليهما وتهنئتهما بالعيد.
 
وبعد الخروج من المسجد تتجمع كل أسرة، والمقصود بذلك، (العائلة الكبيرة) في بيت كبير الأسرة سنًا، وإذا كانت ظروفه الاقتصادية أو الصحية لا تسمح فإن التجمع يكون في بيتٍ آخر يحظى صاحبه بمكانة وتقدير، ويتناول الجميع القهوة والشاي وطعام الإفطار، وتتكون وجبة طعام الإفطار في العادة من الأكلات الشعبية، وبعد ذلك يذهب كلٌّ للسلام على أقاربه وأصدقائه الذين لم يرهم، وتذهب النساء للسلام على ذويهن.
 
ومما يُميز العيد في ذلك الوقت أنّه فرصة للتصافي وحلّ الخلافات بين الناس، بل إنه إذا حصلت مشكلة بين الأفراد والأسر فربما يتمّ الانتظار حتى يحين وقت العيد لحلها؛ لأنّ الناس في هذه الفترة يكونون متهيئين للصلح والقلوب في أسعد أوقاتها، ومن العادات الطيبة في أيام العيد ترك أبواب المنازل مفتوحة لأنّ العيد وقت للزيارات، كما أنّه تعبير للترحيب بالزائرين والمارين في الحي حتى لو كانوا غرباء.
 
وكان تقديم العود ظاهرة مهمة في العيد؛ إذ يحرص الناس على شراء الأنواع الجيدة - كلٌّ حسب قدرته الاقتصادية - وتبخير الضيوف به، وكان بعض كبار السن أو صاحب البيت يضع بعض كِسَر العود في جيبه حتى يكون جاهزًا إذا جاءت المدخنة ليضعها فيها، وقد يرجع ذلك إلى ارتفاع سعر بعض أنواع العود، لذا يحرص كبير السن أو صاحب البيت على الاحتفاظ به في جيبه عند الحاجة.
 
وللعيدية دور كبير في إدخال البهجة والفرحة على الأطفال في أيام العيد، ونظرًا إلى الإمكانات الاقتصادية المحدودة للناس آنذاك فإن شراء الحلويات والمكسرات ونحوها مكلف لكثير من الأسر، ولما كان العيد فرصة للأطفال للحصول على العيدية من أقاربهم وجيرانهم ومن والديهم (وهي حلويات ولبان ومكسرات، وبخاصةٍ ما يُسمى بالقريض) فقد كانت تُوضع في كيس صغير، وفي بعض الأحيان تكون العيدية نقودًا تُعطى للطفل.
 
ومن العادات الطيبة المتبعة في الأعياد بالأحساء التزاور فيما بين أحياء المدينة، إذ تكون هناك زيارات متبادلة بين الأحياء المعروفة في ذلك الوقت مثل: الرفعة والكوت والصالحية والنعاثل، وتكون هذه الزيارات في فترة الصباح  . 
 
وكانت الزيارات العائلية تتم في كثيرٍ من الأحيان وقت الصباح، ويُخصص وقت ما بعد العصر للاحتفالات والعرضات الشعبية والنـزهات، إذ تُقام الرقصات الشعبية في أمكنة مفتوحة إظهارًا للفرح والسرور.
 
ومن الأشياء الطريفة رواج تأجير الحمير في مناسبات الأعياد، إذ يتفنن مُلاكها في تزيينها بالحناء لجذب الشباب لاستئجارها بمبالغ بسيطة للركوب وللسباق لمسافات محددة، وبعد انتشار الدراجات (السياكل) أصبحت هناك أمكنة لاستئجارها  
 
ولارتباط عيد الأضحى بشعيرة ذبح الأضحية كان ذلك مصدرًا آخر للفرح بين الناس. ولما كانت بعض الأسر لا تقدر على القيام بتلك الشعيرة لسوء أحوالها الاقتصادية فقد كانوا يبقون لفترة طويلة لا يعرفون للحم طعمًا، وفي عيد الأضحى تسنح لهم فرصة للحصول على لحوم الأضاحي من الأقارب والجيران، إذ يخرج الناس خارج المدن لاستقبال الحجاج العائدين من الحج وتهنئتهم بما أنعم الله عليهم من أداء فريضة الحج وتهنئتهم بسلامة الوصول، وكان أقارب الحجاج وجيرانهم يقيمون ولائم بهذه المناسبة تستمر عددًا من الأيام.
 
ومن العادات الغريبة في عيد الأضحى ما يُعرف بـ (رمي الدواخل)، والدواخل هي قفاف صغيرة على شكل مستطيل تُنسج من خوص النخل يقوم الأطفال بوضع سماد بعض النباتات وبذورها فيها ويعتنون بسقايتها لمدة أربعين يومًا قبل حلول العيد حتى تنمو، وفي عصر عيد الأضحى المبارك يذهب الأطفال إلى ساحل البحر ويلقون بالدواخل في البحر بعد أن يضعوا داخلها قطعة من النقود وشيئًا من لحم الأضاحي، ويرى محمد سعيد المسلّم أنّ ذلك يُمثل نوعًا من الفدية عن الحجاج الغائبين  . 
 
وأثناء رمي الدواخل كان الأطفال ينشدون بعض الأبيات، ومنها:
 
دوخلتي حجّي بي
إلى أن يجي حبيبي
حبيبي راح مكة
ومكة المعمورة
فيها الذهب والنورة
وتتسم مناسبات الأعياد بإقامة بعض الرقصات الشعبية التي تُمثل ألوانًا مختلفة مثل: الفن العاشوري، والخماري، واللعبوني، والصوت الشعبي، ودق الحب، والمراداة، وفي بعض هذه الرقصات تُستخدم السيوف والبنادق  
 
 
شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook