يُعدّ مرض حساسية القمح (بالإنجليزية: Celiac disease) من الأمراض المناعيّة الذاتيّة، فحين يتناول الشخص المصاب أغذية تحتوي على بروتين الغلوتين؛ تحدث استجابة مناعية في الجسم ينتج عنها تدمير للزُغابات المعوية (بالإنجليزية: Intestinal villus) التي تُعدّ مسؤولة عن امتصاص المُغذيّات في جدار الأمعاء الدقيقة، ممّا يُسبّب خللاً في عملية امتصاص العناصر الغذائية، ومن الجدير بالذكر أنّ مرض حساسية القمح يصيب الأشخاص الذين لديهم قابلية أو استعداد جيني للإصابة به، وتزداد فرصة الإصابة به بين أقارب المصاب من الدرجة الأولى كالأخوة والأبناء.
يمكن القول أنّ إجراء فحوصات الدم المخبرية يمثّل الخطوة الأولى في تشخيص مرض حساسية القمح، ومنها قياس تراكيز الغلوبين المناعي أ (بالإنجليزية: IgA)، الذي يوضح مدى استجابة الجسم لبروتين الغلوتين، ولا بُدّ من الإشارة إلى ضرورة اتباع نظام غذائي اعتيادي يحتوي على بروتين الغلوتين قبل الخضوع للفحص، وذلك بهدف الحصول على نتائج تعكس حالة المصاب الصحية بشكل أكثر دقة، كما أنّ النتيجة السلبية لفحوصات الدم لا تنفي بالضرورة الإصابة بحساسية القمح حيث لا بدّ من إجراء فحوصات مخبرية أخرى للتأكد من دقة النتائج.
يُجرى التنظير الداخلي (بالإنجليزية: Endoscopy) للأمعاء الدقيقة للكشف عن حدوث أيّ التهابات أو تلفٍ فيها نتيجة الإصابة بحساسية القمح، وغالباً ما يتمّ أخذ خزعة من الأمعاء خلال هذا الإجراء للتأكد من صحة التشخيص، ويُعدّ هذا الإجراء سهلاً وآمناً، ويستغرق حوالي 15 دقيقة فقط، ولكن للحصول على نتائج دقيقة لا بُدّ من اتباع النظام الغذائي الاعتيادي المُحتوي على بروتين الغلوتين لحين إجراء الفحص.
ويتم اللجوء إلى اختبار تحدي الجلوتين (بالإنجليزية: Gluten-Challenge) في حال اتباع المريض لحميّة غذائية خالية من الغلوتين قبل الخضوع للفحوصات التشخيصية، حيث تؤثر هذه الحمية في دقة الفحوصات السابقة، ولإتمام هذا الاختبار يُطلب من المريض تناول ثلاثة إلى عشرة غرامات من الغلوتين يومياً؛ ويستمر المريض على هذا المنوال لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع تُتْبَع بأخذ خزعة من الأمعاء الدقيقة من خلال التنظير المعوي، وفي حال تفاقم الأعراض وعدم تحمُّلها يتم إجراء التنظير بعد أسبوعين فقط، وبالإضافة للتنظير يتمّ إجراء فحص للكشف عن الأجسام المضادة بعد أسبوعين إلى أربعة أسابيع من انتهاء اختبار تحدي الغلوتين.
تكشف الاختبارات الجينية عن وجود إحدى الجينات المرتبطة بالإصابة بمرض حساسية القمح وهي HLA-DQ2 وHLA-DQ8، إلا أنّ وجود أيّ منها لا يعني بالضرورة إصابة الشخص بالمرض، بل أنّ لديه استعداد أو قابلية جينية للإصابة به، فبالإضافة للاستعداد الجيني لابدّ من توافر عوامل بيئية لتحفيز ظهور الإصابة ومنها؛ المرض، والخضوع لعملية جراحية، والحمل، وغيرها، ويُلجأ إلى إجراء هذه الفحوصات عادة في حال إصابة أحد أفراد العائلة بمرض حساسية القمح.
في الحقيقة يتم السيطرة على أعراض الإصابة بحساسية القمح من خلال اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين يتجنب فيه المصاب تناول أيّ طعام أو شراب يحتوي على بروتين الغلوتين، وتقلّ الأعراض الظاهرة على المصاب خلال عدة أيام إلى عدة أسابيع من بدء الحمية الخالية من الغلوتين، وبعد فترة من اتباع هذا النظام يبدأ التهاب الأمعاء بالشفاء والالتئام، وخلال مدة تتراوح بين عدّة أشهر إلى عدّة سنوات من الممكن أن تتمّ إعادة تجديد الزغابات المعوية بحيث تستعيد قدرتها على امتصاص العناصر الغذائية بشكل طبيعي، ومن الجدير بالذكر أنّ شفاء الأمعاء الدقيقة يتمّ بمعدل أسرع عند الأطفال مقارنة بالبالغين. وفيما يلي بيان لبعض أنواع الغذاء المحتوي على الجلوتين، والذي يُنصح المصاب بتجنبه:
يُنصح بأخذ استشارة أخصائي تغذية لإرشاد المريض إلى الطريقة الصحيحة لتجنب الغلوتين مع الحفاظ على تناول وجبات صحيّة، وفي حال المعاناة من نقصٍ حاد في بعض العناصر الغذائية لا بُدّ من استخدام مكملات غذائية خالية من الغلوتين لغايات رفع مستويات الكالسيوم، والفولات، والحديد، والزنك، وفيتامين ب12، وفيتامين د، وغيرها من العناصر المهمة، بالإضافة إلى ذلك يتم إجراء فحوصات للكشف عن صحة العظام بالأخص في الحالات الآتية:
في الحقيقة لا يتمّ استخدام أيّ أدوية لعلاج الإصابة بحساسية القمح في أغلب الحالات، إلّا في حال ظهور التهاب الجلد الحلئي الشكل (بالإنجليزية: Dermatitis herpetiformis) الذي قد يصيب بعض مرضى حساسية القمح، وذلك للسيطرة على الطفح الجلديّ المصاحب له، وغالباً ما يتمّ استخدام دواء دابسون (بالإنجليزية: Dapsone) وسلفابيريدين (بالإنجليزية: Sulfapyridine)، بالإضافة إلى اتباع حمية غذائية خالية من الغلوتين.