شريعة الله -تعالى- شريعةٌ شاملةٌ لم تُغفِل أيّ جزءٍ من الحياة الدُّنيا أو الآخرة، ومِن رحمة الله بعباده أن جعل هناك أزمنةً يتضاعف فيها الأجر والثواب، وعلى ذلك فقد امتلك المسلمون مزايا عظيمةً في تلك الأزمنة، والتي تكاد تكون موجودةً في كلّ شهرٍ من شهور السنة، ويُعَدّ يوم النَّحر من أعظم الأيّام؛ فهو يوم الحجّ الأعظم، وأوّل أيّام عيد الأضحى المبارك؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أعظمُ الأيامِ عندَ اللهِ يومُ النحرِ)، إذ تتزاحم في يوم النَّحر الكثير من الأعمال، والتي يترتّب عليها الفَضْل العظيم، كالنَّحر، والوقوف بمُزدلفة، ورَمي جمرة العقبة، إضافةً إلى طواف الإفاضة، وصلاة العيد، والحَلْق.
أمّا العيد، فهو في اللغة: يومٌ يُصادف تاريخه حَدَثاً معلوماً له خصوصيةٌ مُعيَّنةٌ، كذكرى تاريخيّة، أو حَدْثٍ دينيّ، وهو يوم يُنشَر فيه الفرح، ويحتمل أيضاً مظاهر احتفاليّة، ومن أمثلة ذلك أعياد المسلمين، وهي: عيد الفِطْر السعيد الذي يأتي بعد شهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى الذي يُصادف اليوم العاشر من شهر ذي الحِجّة، والعيد بلا شكٍّ يُعيد الفرح بعودته، كما أنّ به عوائد كثيرة من فَضْل الله -تعالى- على عباده، ويجدر بالذِّكر أنّ صلاة العيديَن شُرِعت في السنة الثانية من الهجرة، وتتبيّن مشروعيّتها في قَوْل الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، فالمقصود بالآية صلاة عيد الأضحى، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن أبي سعيد الخُدريّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْرُجُ يَومَ الفِطْرِ والأضْحَى إلى المُصَلَّى، فأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأُ به الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ...).
يُؤدّي المسلمون صلاة العيد بصلاة ركعتيَن، ويخطب الإمام بالمسلمين بعد الصلاة خُطبتيَن كخُطبتَي الجمعة يُبيّن فيهما أحكام الأُضحية، والحَجّ، وبيان آراء المذاهب الأربعة في ما يأتي:
يبدأ وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس مقدار رُمحٍ، وحتى الزوال، أمّا إن لم يُعلَم بالعيد إلّا بعد فترة الزوال، فإنّ صلاة العيد في اليوم التالي، ولا تُؤدّى الأُضحية إلّا بعد الصلاة، والمقصود بارتفاع الشمس قدر رُمحٍ؛ أي مقدار الرُّمح بنَظَر العين، وقد قدّره العلماء بخمس عشرة دقيقةً، وقد تقلّ أو تزيد بمقدارٍ بسيطٍ، ومن أراد الحيطة أكثر، جعلَها عشرين دقيقةً، في حين أنّ المقصود بالزوال: أن تكون الشمس قد تحرّكت عن وسط السماء باتِّجاه الغرب؛ وهو وقت دخول وقت صلاة الظهر؛ حيث إنّ الظلّ يكون باتِّجاه الشرق.
موسوعة موضوع