تستدعي كافة الجروح التي يتعرض لها مرضى السكري (بالإنجليزيّة: Diabetes)، وحتّى تلك البسيطة منها كالجروح الطفيفة أو تلك الناتجة عن لدغ الحشرات، الحرص والعناية الطبية الدقيقة، ويُمكن إرجاع أهميتها الطبية وضرورة المُباشرة في علاجها إلى عدّة أسباب؛ فمن الممكن أن تؤدي الإصابة بمرض السكّري الناتج عن خلل في قدرة الجسم على السيطرة على نسب السكر في الدم، إلى بطء عمليّة التئام الجروح، ممّا يؤدي بدوره إلى زيادة خطورة الإصابة بالعدوى (بالإنجليزيّة: Infection) وبعض المُضاعفات الأخرى، إذ إنّ الإصابة بمرض السكّري قد تُعرّض المُصاب بالجروح إلى العديد من المُضاعفات الناتجة عن فقدان الشعور بالألم، بحيث لا يشعر المصاب بأي ألم ليس لتنبيهه بالشعور بوجود الجرح فقط، بل بأنّ الجرح يتفاقم سوءًا أو يتطوّر إلى بثور أو إصابة بعدوى أو أي تغيرات أخرى على الجرح أيضًا، ويعود ذلك إلى تأثير مرض السكري على الأعصاب (بالإنجليزيّة: Nerves) بحيث يؤدي إلى إلحاق ضرر فيها ناتج عن ارتفاع نسبة السكر في الدم، وبالتالي فإنّ التئام الجروح يكون معقدًا، ولعلّ إحدى أكثر الإصابات شيوعًا التي قد يُعاني منها مُصابو السكّري هي القدم السكّريّة (بالإنجليزيّة: Diabetic Foot)؛ وهي تقرّحات (بالإنجليزيّة: Ulcers) أو جروح مفتوحة عادة ما تظهر في الجزء السفلي من قدم مُصاب السكّري، وبحسب الدراسة المنشورة في "Biological Sciences & Bioengineering" فقد تصل نسبة الإصابة بالقدم السكريّة إلى 25% من مُصابي مرض السكّري، كما أشارت إلى أنّه يتم إجراء عمليّة بتر لأحد الأطراف السفليّة نتيجة الإصابة بالقدم السكريّة حول العالم كل 30 ثانية تقريبًا.
في الحقيقة، هناك علاقة عكسيّة تربط ما بين سرعة الشفاء وخطورة الإصابة بالعدوى فيما يتعلّق بالجروح التي يتعرّض لها مُصابو مرض السكري؛ فكلّما كانت سرعة شفاء الجروح أكبر كانت خطورة إصابة الجرح بالعدوى أقل، وبالتالي فإنّ الهدف الأساسيّ لعلاج القدم السكريّة هو الوصول إلى حالة الشفاء بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى بعض النتائج الأخرى التي يهدف إليها العلاج: كالمحافظة على وظيفة القدم، والسيطرة على انتشار العدوى إن وجدت، ومُحاولة التخفيف من الشعور بالألم قدر الإمكان، وزيادة القدرة الحركيّة للقدم المُصابة. أمّا فيما يتعلّق بعلاج تقرّحات القدم السكريّة، فهناك العديد من العوامل الأساسيّة التي تُساهم بشكل كبير في الشفاء، وفيما يأتي بيان لبعض منها:
وبالحديث عن العوامل التي تعرقل التئام الجروح عند مرضى السكري فيمكن القول أنّها تتضمن مستوى السكر العالي في الدم، وضعف الدورة الدموية الطرفية، وضعف كفاءة الجهاز المناعي، والتهاب الاعصاب الطرفية.
تُعدّ التقرّحات جروحًا مفتوحة وليست مُغلقة، ممّا يزيد من احتماليّة إصابتها بالعدوى، ومن الممكن أن تؤدي العدوى في مراحل متقدمة إلى الحاجة إلى بتر القدم المُصابة بالتقرّحات؛ حيثُ إنّ هذه العدوى الموجودة في الجرح قد تنتقل إلى مجرى الدم، ومنه إلى إحدى عظام القدم، ممّا يُشكّل خطورة صحيّة على المُصاب، وتجدر الإشارة إلى أهميّة مراقبة مُصابي مرض السكّري للجروح والتقرّحات في حال تعرّضهم لها، وبالرغم من أنّ عمليّة الالتئام عادة ما تكون أبطأ، إلّا أنّها من المفترض ألّا تتجاوز فترة عدة أسابيع، كما ومن المهم الانتباه إلى تطوّر الجرح وتوسّعه، أو بدء خروج الإفرازات منه، أو زيادة شعور المُصاب بالألم بشكل كبير. قد يستطيع الأشخاص المُصابون تجنّب الإصابة بالعدوى؛ فليس بالضرورة أن يتعرّض كل جرح يُصاب به مريض السكري للعدوى، وفي ما يأتي بيان لبعض من أبرز الخطوات التي يُنصح الشخص المُصاب بمرض السكري باتباعها في حال تعرّضه للإصابة بجروح أو تقرّحات في القدم، والتي من الممكن أن تُساعد على الوقاية من الإصابة بالعدوى:
تجدر الإشارة إلى أهميّة مُراجعة الطبيب فورًا في حال تعرّض مُصاب مرض السكري بأي من أنواعه للإصابة بجروح أو تقرّحات بعد مرور فترة طويلة دون تحسن الجرح؛ إذ ينصح الأشخاص المُصابون بمرض السكّري عادة بالتوجه للطبيب عند التعرّض لجروح وتقرّحات، مع عدم وجود أيّ إشارات على تحسّنها بعد 48 ساعة للتقليل من خطورة احتماليّة تفاقم المشكلة، وعادة ما تتطلّب إصابات الجلد فترة زمنية مقدارها أسبوعين تقريبًا حتى تشفى بشكل كامل، وبالرغم من أنّ عمليّة الشفاء قد تتطلّب وقتاً أكبر في حال كان الشخص مُصابًا بمرض السكّري، إلّا أنّه إذا زادت هذه المُدة عن ثلاثة أسابيع أو في حال ظهور أعراض وعلامات للإصابة بالعدوى: مثل احمرار، أو ألم، أو الشعور بدفء في المنطقة المُصابة، أو خروج إفرازات من الجرح فيجب مراجعة الطبيب بهدف تلقّي العلاج المُناسب.
يُساعد تفريغ أو إزالة الضغط الواقع على المنطقة المُصابة بعمليّة الشفاء بشكل كبير؛ حيثُ إنّ زيادة الضغط على المنطقة المُصابة قد يؤدي إلى إعاقة عمليّة الشفاء، وبالأخص في حال كانت القدم مُصابة بالتقرّحات في الجزء السفلي منها، وحقيقةً هناك العديد من الأجهزة أو المُستلزمات التي تعمل على تفريغ المنطقة المُصابة من الضغط: مثل بعض أنواع الأحذية المُخصصة، أو دعامات للقدم، أو نوع من الجبائر المُخصصة والتي من الممكن للمُصاب ارتدائها، كما وقد يحتاج بعض المُصابين لاستخدام كرسيّ متحرك أو عكّازات للتخفيف من الضغط على القدم، وبشكل عام يُنصح المُصاب باتخاذ التدابير اللازمة للتقليل من المشي أو الوقوف على القدم المُصابة؛ لما لذلك من فوائد في التقليل من الانزعاج الذي يُعاني منه المُصاب وزيادة سرعة الشفاء من تقرّحات القدم.
في الحقيقة، إنّ الخلايا الجلديّة حديثة التكوّن الصحيّة عادة ما تكون ناعمة وليّنة، وبالتالي فإنّ وجود أجزاء صلبة من الأنسجة والخلايا الجلديّة الميّتة (بالإنجليزيّة: Necrotic Tissue) قد يعيق تكوّنها، ومن الممكن أن يحتاج المُصاب بالجروح والتقرّحات من مرضى السكّري إلى إجراء عمليّة جراحية لإزالة هذه الأنسجة الميّتة المتكدّسة، فيما يُدعى طبيّاً بعمليّة الإنضار، وبالإضافة إلى إزالة الطبقات السميكة من الجلد الميّت، فإنّه يتم إزالة الأجزاء المُصابة بالعدوى، والأجسام الغريبة، بالإضافة إلى بعض المواد التي تبقى على الجلد بعد تغيير الضمادات. وفي ما يأتي بيان لبعض من أهمّ الأهداف التي يتم القيام بعمليّة الإنضار لتحقيقها:
غالباً ما تتطلّب العناية بالجروح تطبيق بعض أنواع الأدوية الموضعية (بالإنجليزيّة: Topical)، بالإضافة إلى استخدام الضمادات، وقد تختلف الخيارات التي من الممكن اختيارها في العلاج بشكل كبير؛ ببدءًا من محلول الملح العادي وضمادات التقرحات (بالإنجليزيّة: Ulcer Dressings)، إلى بعض العلاجات الأكثر تطوّراً كعوامل النمو (بالإنجليزيّة: Growth Factors) وبدائل الجلد (بالإنجليزيّة: Skin Substitutes) الفعّالة في علاج تقرّحات القدم، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه التقرّحات قد تُصاب بالعدوى في العديد من الحالات، وعليه فقد يوصي الطبيب بتناول المصاب لحبوب المُضادات الحيوية (بالإنجليزيّة: Antibiotics) التي تؤخذ فمويًّا، حيث يكمن عملها في قتل البكتيريا المُسببة للعدوى، إذ يتم استخدامها لمدّة زمنيّة يتم تحديدها بناءً على طبيعة الإصابة من قبل الطبيب لعلاج العدوى، كما وتتوفر المضادات الحيويّة على شكل محاليل يتم ضخها من خلال الأوردة (بالإنجليزيّة: Intravenous) إلى مجرى الدم لمُساعدة الجسم على التخلّص من العدوى بشكل أسرع، ويتم اللجوء إلى هذا النوع من المُضادات الحيويّة في حال تفاقم العدوى ووصولها إلى العظام أو أنسجة أخرى من تلك المحيطة بالجرح.
من الممكن أن تحتاج العديد من حالات الإصابة بتقرّحات القدم السكريّة إلى التدخل الجراحي في حال عدم نجاح العلاجات الأخرى في الشفاء، حيثُ يكون إجراء العمليّة الجراحية المُناسبة هو الحل الوحيد لشفاء التقرّح المُصاب به مريض السكّري، وتختلف المدة الزمنية التي يحتاجها المُصاب من حالة إلى أخرى؛ فقد تمتد من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، اعتماداً على العديد من العوامل: كحجم الجرح، وموقعه، والضغط الذي يتعرض له الجرح من خلال الوقوف والمشي، وتدفق الدم، ونسب سكر الغلوكوز في الدم، بالإضافة إلى الأدوية التي تُطبّق على الجرح ومستوى رعايته، وهناك العديد من الحالات والمُضاعفات التي قد تستدعي هذا التدخل الجراحي، في ما يأتي بيان لبعض الأمثلة عليها:
في الحقيقة، إنّ العديد من حالات تقرّحات القدم السكريّة قد لا تصل إلى مرحلة الشفاء، ممّا يستدعي مراجعة الطبيب لاختيار إحدى طرق العلاجات المُتقدمة التي يُمكن اللجوء إليها، وفي ما يأتي بيان لبعض من أبرز الأمثلة عليها:
يُنصح مُصابو مرض السكّري بالالتزام التام بالخطة العلاجية والطرق المُناسبة للمُحافظة على نظافة الجرح وسلامته التي يُحدّدها لهم الطبيب المختص في حال الإصابة بالجروح والتقرّحات، وغالبًا ما يتم إجراء فحص للقدم مرّة واحدة سنويّاً لجميع مُصابي مرض السكّري، كما يقوم الطبيب خلال هذا الفحص الجسديّ بإرشاد المُصاب إلى الطرق اللازمة والتدابير التي يجب اتخاذها في حال الإصابة بتقرحات القدم السكريّة، لما لذلك من أهميّة في الحفاظ على سلامة القدم. وفي ما يأتي بيان لبعض من النصائح والخطوات التي يُنصح المُصاب باتباعها لما لها من دور في المساعدة على الشفاء من الجروح والتقرحات: