أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون كتاب هدايةٍ وإرشادٍ، وليقرأ النّاس سُوره ويتلون آياته، ويتدبّرون معاني كلماته، فيتحقّق لهم فوائد جمّة ومغانم كثيرة؛ منها: معرفة الأحكام الشّرعيّة، وأخذ العِبر من قصص السّابقين، والتّخلّق بالأخلاق والآداب التي شمِلتها آياته، ولأجل ذلك كلِّه كان لِزاماً على كلّ مسلم أن يتلو القرآن الكريم، ويتدبّر معانيه، ويعي مضامينه، حتى يُفْهم القرآن الكريم، وقد جاء الأمر من الله -تعالى- بتدبّر القرآن الكريم في مواطن كثيرةٍ، ومن ذلك قول الله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، وقوله أيضاً: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وفي هذه المقالة توضيح للأمور التي تُعين على فَهْم القرآن الكريم، وبيان ثمرات وفوائد فَهْم القرآن الكريم.
القرآن الكريم هو كلام الله -تعالى- المعجِز، والمُنزل على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الوحي جبريل عليه السّلام، المتعبّد بتلاوته، الذي نُقل بالتّواتر، وحُفظ في الصُّدور ودُوّن في السّطور، وجُمع بين دفّتي المُصحف، مبدوءاً بسورة الفاتحة ومختوماً بسورة النّاس، وقد أراد الله -تعالى- للقرآن الكريم أن يكون خاتم الكتب السّماويّة، وتعهّد الله -تعالى- بحفظِه من التّحريف والضّياع، فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،والقرآن الكريم كتاب هدايةٍ وإرشاٍد، يشتمل على أحكامٍ ودروسٍ، تضع للمسلم نهجاً سليماً؛ ليحيا حياةً طيّبةً، فالقرآن دستور ينظّم جوانب حياة المسلم المختلفة من عباداتٍ وأخلاقٍ ومعاملاتٍ، فقد قال الله -تعالى- واصفاً القرآن الكريم: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).
إنّ تدبّر القرآن الكريم، وفَهْم معانيه، واستيعاب ما جاء فيه من أحكامٍ وحِكمٍ، أمرٌ لا يستغني عنه أيّ مسلمٍ، ولعلّ لاستيعاب آيات القرآن الكريم والإعانة على فهمها خطوات وأساليب تساعد في ذلك، منها:
إنّ لتلاوة القرآن الكريم فضائل عظيمة وثمراتٌ كثيرة يجنيها المسلم المداوم على تلاوته والحريص على تدبّره، ومن هذه الفضائل والثّمرات ما يأتي:
وغير ذلك الكثير من الفضائل التي يحوزها من يداوم على قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوةً متأنّيةً بفهمٍ وتدبُّرٍ، وقد رسم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صورةً رائعةً تبيّن الفارق بين المسلم الذي يقرأ القرآن ويحرص عليه، وبين المسلم الذي لا يقرأ القرآن ولا يجعل لتلاوته جزءاً من وقته، وذلك في الحديث الشّريف الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه؛ حيث قال: (مثَلُ المؤمِنِ الَّذي يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الأُترُجَّةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها طيِّبٌ، ومثَلُ المؤمِنِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ التَّمرَةِ؛ لا رِيحَ لها وطَعمُها حُلوٌ، ومثَلُ المنافِقِ الذي يَقرَأُ القرآنَ مثَلُ الرَّيحانَةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها مُرٌّ، ومثَلُ المنافِقِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الحَنظَلَةِ، ليس لها رِيحٌ وطعْمُها مُرٌّ).
موسوعة موضوع