تُعدّ الشهادة في سبيل الله من أعظم المقامات وأرفعها في الإسلام، وذلك لما أعدّه الله سبحانه وتعالى لأصحابها من نعيم وميّزات وأجر عظيم، وهي من أفضل الأمور التي يمكن أن تُختَم حياة العبد بها، وقد عرّف العلماء الشهيد بأنّه هو من قاتل من المسلمين لتكون كلمة الله هي العُليا، وقُتِل في سبيل ذلك، وذكروا أنّ من يقاتل حميةً أو أنَفَةً أو غيرةً، وليس لأجل الله تعالى ودفاعاً عن حق -كالدفاع عن الوطن أو الدفاع عن المال الخاص- فإنّه لا يكون شهيداً ولو مات مقاتلاً، واستدلّوا على ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث: (سُئل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الرجلِ يقاتل شجاعةً، ويقاتل حمِيَّةً، ويقاتل رياءً، أيُّ ذلك في سبيل اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: من قاتَل لتكون كلمةُ اللهِ هي العُليا، فهو في سبيل اللهِ)وبهذا فإنّ كلّ من يموت في معركة من أجل الله أو يُصاب فيها ثمّ يموت إثر إصابته يُعدّ شهيداً.
اختصّ الله سبحانه وتعالى الشهداء بأحكام لا يشاركهم فيها غيرهم، والحديث هنا حول شهداء المعركة الذين يموتون بمواجهة العدو، فهؤلاء لا يُغسَّلون، ويُكفَّنون في ثيابهم التي استشهدوا فيها، ويُستحَبّ أن يتم تكفينهم بثوب أو أكثر فوق ثيابهم التي استُشهِدوا فيها، ووليّ الأمر مُخيَّر بين أن يصلي عليهم صلاة الجنازة أو يتركها، والأفضل أن يصلّيها، والسُّنة أن يُدفَنوا في ذات المكان الذي استُشهدوا فيه، فهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شهداء بدر وأُحُد، وقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم الحِكمة من عدم تغسيل الشهيد بقوله في شهداء أحد: (لا تُغسِّلوهم، فإنَّ كلَّ كِلْمٍ أو جُرحِ دمٍ يفوحُ مِسكًا يومَ القيامةِ) فالحديث يبيّن أنّ دم الشهيد وجراحه تفوح برائحة المسك يوم القيامة، وقد قال بعض العلماء أنّ الشهيد إذا استُشهِد على جنابة يُغسَّل، ويكون ذلك غُسلاً للجنابة لا للميت
جعل الله للشهداء منزلةً شريفةً خاصةً، وفضّلهم بأمور كثيرة عن غيرهم من الناس، وبيّن ذلك في كثير من النصوص الشرعية، منها ما يأتي: