يُعدّ الجرب أو حكّة السّبع سنوات (بالإنجليزية: Scabies) من الأمراض الجلدية المُسببة للحكة، وهو ناجم عن التعرض لأحد أنواع العث الذي يُعرف علميًا باسم القارِمَة الجَرَبية أَو سُوس الحكة (الاسم العلمي: Sarcoptes scabiei)، وإنّ المصاب يُعاني من الحكّة الشديدة في الموضع الذي تعرّض فيه لقرص القارِمَة الجَرَبية، وتزداد شدة هذه الحكة لتكون أسوأ ما يمكن في الليل، ومن الجدير بالذكر أنّ مرض الجرب مُعدٍ للغاية، وينتقل عن طريق الاتصال المباشر مع المصاب، لذلك فإنّه أكثر ما يمكن أن يعدي الأطفال في دور الرعاية الخاصة بهم، وبين أفراد العائلة الواحدة، ولعلّ هذا ما يُبرر ضرورة علاج المصاب والأفراد المحيطين به في حال كان بينه وبينهم تواصل عن قرب.
وأمّا بالنسبة لمدى شيوع وانتشار هذا المرض فقد تبيّن أنّه من أكثر الأمراض الجلدية شيوعًا، ولا سيما في الدول النامية، وأكثر ما يشيع هذا المرض في المناطق المدارية ذات الموارد القليلة، وعلى الرغم من الحاجة لمزيد من الدراسات لإجراء إحصائيات دقيقة حول انتشار هذا المرض، إلا أنّه وُجد أنّ هناك ما يُقارب 200 مليون حالة مصابة بهذا المرض في أيّ وقت في جميع أنحاء العالم، وإنّ نسبة انتشار المرض في علم الوبائيات تُقدّر بما يتراوح بين 0.2-71%، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بمرض الجرب مرة لا تعني عدم الإصابة به مرة أخرى، فتكرار الإصابة به من الأمور الوارد حدوثها
كما بيّنّا سابقاً فإنّ مرض الجرب ينجم عن التعرض للطفيليّ المعروف باسم القارِمَة الجَرَبية أَو سُوس الحكة، ويعتقد أن الحكة الشديدة المرتبطة به ناتجة عن تفاعل الجهاز المناعي مع العث، ولعابه، وبيضه، وبرازه، وتبدأ دورة حياة هذا العث بالتصاق أُنثاه بجلد الشخص المعني، ثم سرعان ما تُحدث فيه ثقباً، وبعد ذلك تبدأ رحلة بحث ذكر سوس الحكة عن الأنثى، وفور حدوث الالتقاء تضع الأنثى البيوض في حين يموت الذكر، وعادةً ما تحتاج البيوض فترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أيام حتى تفقس، وإنّ البيوض الذكور تتوجه نحو سطح الجلد لتبدأ بالنضج حتى تصِل مرحلة البلوغ خلال عشرة إلى خمسة عشر يوماً، بينما تتوجه الإناث الصغار بعد خروجها من البيوض إلى طبقات الجلد حيث تتخذ ملجئاً فيها لتعود دورة حياة سوس الحكة بالبدء من جديد، وممّا يجدر بيانه أنّ سوس الحكة لا يُمكن التخلص منه بغسله بالماء حتى الساخن منه، ولا باستعمال الصابون أو بكشط الجلد، لذلك لا بُدّ من الالتزام بالعلاج الذي يصِفه الطبيب المُختصّ تجنّباً لاستمرار تكاثر سوس الحكة، فبدون العلاج الملائم يتكاثر هذا النوع من العث إلى ما لا نهاية.
ويجدر الإشارة إلى سرعة تطوّر العدوى بهذا المرض، ويُعزى ذلك إلى أنّ المصاب لا يُدرك إصابته بالجَرَب إلا بعد مرور ما يُقارب أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على وقت التعرض للعدوى، وأمّا بالنسبة لطرق انتقاله فتحدث عن طريق التلامس المباشر مع المصاب لفترة طويلة من الزمن، ويجدر التنويه إلى أنّ العدوى لا تحدث حين مصافحة المصاب أو ضمّه دون إطالة، وإنّما يتطلب الأمر ملامسة جسم المصاب لفترة طويلة من الزمن؛ كالاحتكاك به كثيراً، وقد تنتقل العدوى بين الأزواج عند ممارسة العلاقة الزوجية، كما يمكن أن ينتقل المرض في حال مشاركة الثياب وأغطية السرير وغير ذلك من أدوات المصاب الشخصية، إذ يمكن لسوس الحكة العيش خارج جسم الإنسان لفترة تتراوح ما بين 24-36 ساعة، ولكن يُعتبر حدوث العدوى بهذه الطريقة أمرًا نادراً.
يختلف الوقت الذي تحتاجه أعراض الإصابة بالجرب لتظهر، وذلك باختلاف عدد مرات العدوى بسوس الحكة، ففي حال كانت المرة الأولى فإنّ الأعراض قد تحتاج فترة تتراوح ما بين أسبوعين إلى ستة أسابيع حتى تظهر، بينما يتطلب الأمر فترة زمنية قصيرة للغاية لا تكاد تزيد عن يوم إلى أربعة أيام في حال الإصابة به في المّرات اللاحقة، ويُعزى السبب في ذلك إلى تفاعُل الجهاز المناعي بصورةٍ أسرع مع هذا النّوع من العثّ، ومن الأعراض والعلامات التي ترافق الإصابة بالجرب ما يأتي:
تجدر الإشارة إلى أنّ مواقع الإصابة بسوس الحكة تختلف في البالغين والمراهقين عنها في الأطفال والرضع، فمثلاً من أكثر الأماكن التي تُهاجمها سوس الحكة لدى البالغين: الجزء الداخلي من المعصم، وبين أصابع اليدين، وحول أظافر اليدين، وتحت الإبط، وباطن الكوعين، وباطن القدمين، والثديين، والركبتين، وألواح الكتف، والأرداف، وكذلك الأجزاء التناسلية للرجل، وأمّا في الأطفال والرضع فعادة ما يظهر الجرب على قشرة الرأس، والوجه، والرقبة، وراحة اليدين، وأخمص القدمين.
إنّ الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها الوقاية من الجرب هي تجنب الاتصال المباشر والمُطوّل مع المصابين به، بالإضافة إلى تجنب الملابس والأغطية التي يستخدمونها، وأمّا في حال وجود مصاب بالجرب في البيت ذاته فيجدر عندها طلب الرعاية الطبية الفورية والحرص على علاج باقي أفراد المنزل تجنباً للإصابة بالعدوى، مع الحرص على اتباع بعض التعليمات كما يأتي:
كما بيّنّا سابقاً فإنّ علاج الجرب لا يقتصر على علاج المصاب بالمرض فقط، وإنّما يشمل كذلك الأشخاص المحيطين به وخاصة أولئك الذين كان بينهم وبينه اتصال مباشر خلال الشهر الماضي، ولا سيّما الشريك الزوجي، ومن الجدير بالعلم أنّ العلاج يجب أن يُعطى للمصابين وباقي أفراد العائلة والأشخاص المعنيين في الوقت ذاته، وذلك بهدف تجنب الإصابة بالعدوى من جديد، وبالحديث عن العلاج فإننا نستذكر أنّه لا يُنصح باستخدام بخاخات المبيدات الحشرية على اختلاف أنواعها.
إنّ علاج الجرب غالباً ما يتم باستخدام العلاجات الموضعية، ومثل هذه العلاجات تُوضع على الجسم كله باستثناء الوجه والرأس للبالغين، وأمّا بالنسبة للأطفال والرضع فعادة ما يتم وضع هذه العلاجات الموضعية على فروة الرأس والوجه أيضاً، ويجدر اتباع تعليمات الطبيب المختص بخصوص كيفية تطبيق العلاج، وبشكل عام غالباً ما يُنصح بوضع هذه العلاجات عند موعد النوم، ثم يتم غسل الجسم منها في الصباح عند الاستيقاظ، وقد يتطلب الأمر إعادة العلاج بعد أسبوع، وممّا يجدر التنبيه إليه أنّ استخدام العلاجات فوق الحد الطبيعيّ قد يزيد الحكة والطفح الجلدي سوءاً، ويمكن تقسيم الخيارات العلاجية المتاحة في حالات الجرب كما يأتي:
في الحقيقة عادة ما يمكن التخلص من سوس الحكة المُسبب للجرب بسرعة من خلال استخدام العلاج الصحيح الموصوف من قبل الطبيب المختص، وعليه يمكن للأطفال والبالغين المصابين بالمرض العودة إلى مدارسهم وأماكن عملهم بعد مرور أربع وعشرين ساعة على أخذ العلاج الأولي، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ الحكة قد تستمر لأسابيع عديدة حتى بعد الشفاء من المرض، وقد تصل هذه المدة إلى ما يُقارب أربعة أسابيع بعد الانتهاء من العلاج.