دعونا ننظر لذلك الوحش المسمى بمتلازمة القولون العصبي بنظرة أكثر عمقًا. لنتناول أولاً المصطلح في حد ذاته، إن مصطلح القولون العصبي يعني " مجموعة من الأعراض والأفعال التي تتركز حول الجهاز الهضمي ".
وهكذا جمعت كل الحالات المتعددة التي تزعج وتـُهيج البطن وسميت القولون العصبي.
كلا، لانبغى أن يعانى الفرد منها جملة في ذات الوقت، بل يعانى من اثنين أوثلاثة في كل مرة، أو بالتتابع.
ثم علينا أن نتحدث عن الوضع الطبيعي، كيف يكون الوضع طبيعيًا في القناة الهضمية ؟ تكون الأمور طبيعية عندما تسير الأمور كما ينبغي بحيث لا تشكو من جهازك الهضمي أو حتى تفكر فيه، حيث يعمل بشكل أوتوماتيكي ولا تضطر للتفكير أو القلق بشأن ما تأكل أو ما تقوم به من أنشطة اجتماعية أو بشأن أمعائك تحت أي ظروف.
على سبيل المثال : قد يحدث التبرز مرة واحدة في اليوم وقد يحدث مرة كل أربعة أيام ؛كما تأقلمت أجهزه البعض على أداء عملية التبرز مرتين يوميًا بشكل تلقائي، وهناك أشخاص سجلوا في موسوعة الأرقام القياسية لا يقومون بالتبرز سوى مرة كل ثلاثين يوماً، الأمر مدهش ولكنه حقيقي. على الجانب الآخر إذا احتجت للذهاب للمرحاض كل ساعة ووجدت أن حياتك كلها تتعلق بدخول المرحاض سواء في البيت أو الأماكن العامة أو مكان العمل، فحينئذ تكون في حاجة ملحة للرعاية الطبية، فلا يجب أن تضطر للتعايش مع مثل هذه الحالة.
تتحكم بأمعائك – شأنـها شأن باقي أعضاء جسدك – إشارات من المخ، كما تدار العديد من وظائف الجسم بواسطة المخ، فنتنفس وتدق قلوبنا ونتحرك ونـمشى، كل ذلك بدون توجيه مقصود واع منا.
فنحن لا نفكر أولاً ونقول : " الآن أرغب في تحريك يدى لأعلى، فيا مخي قم بإرسال إشارات لكى يتم ذلك. " ولكننا ببساطة نحرك أيدينا.
يعمل جهازك الهضمي بنفس الطريقة، بشكل أوتوماتيكي، كما لو كان مبرمـجـًا، فيؤدى وظائفه المنوط بـها. أما إذا حدث سوء فإننا نبدأ في تلقى إشارات من المخ معناها أننا بـحاجة لاتـخاذ خطوة. قد تكون
هذه الخطوة مثلاً الانطلاق نحو المرحاض ؛ لأن القولون مليء وأوشك على الانفجار.
لكن بينما يعطى المخ تلك الأوامر، قد تمنح نفسك من الاستجابة لـها لبعض الوقت ولكن ستجد أنك مضطر للاستجابة لـها من وقت لآخر.
وبالفعل هناك تأثير قوى لانفعالاتك على ذلك أيضًا، فبالتأكيد قد سمعت عن شاهد في قضية كبيرة يصيبه اعتلال مفاجئ بمعدته ويضطر لترك قاعة المحكمة مسرعًا ليتمكن من التقيؤ. وأحيانا ما يتسبب الضغط الشديد في المواقف المضطربة في أن يفقد الشخص سيطرته على المثانة وتكون النتيجة بللاً في بنطاله. كما قد يصاب بعض رجال الشرطة حديثي التخرج ممن لم يمارسوا أبداً إطلاق النار بحالة إسهال شديدة إذا رأوا مشهد قتل مروع، فيحدث لهم حرج شديد.
يمكن أن تؤثر الانفعالات – بل إنها تؤثر بالفعل – على الجانب الجسماني، ووظيفتنا هي ألا نسمح لها بالتأثير المفرط على حياتنا اليومية المعتادة.
يذهب إلى إخصائي الطب النفسي الكثيرون ممكن يجدون أن انفعالاتـهم والضغط الذى يحدث في المواقف العصبية يسبب لـهم كل أنواع المشكلات الجسمانية. فالقلق الشديد بشأن موقف ما، أو الخوف من فقد الوظيفة، أو المشاكل مع الرئيس في العمل، أو موقف عصيب في الحياة الزوجية، كل ذلك قد يكون كافيًا كسبب لـحدوث مشكلات القولون العصبي المزعجة.
قد تكون المشكلة عويصة بالفعل إذا ما تسبب القلق في اضطرابات القولون العصبي حيث يزداد الأمر سوءاً بـمرور الوقت، وقد يصل الأمر إلى الوقوع في دائرة مفزغة. وهناك سبيل واحد لمساعدة نفسك، وهو ألا تقلقك حالتك. وبدلاً من ذلك اذهب لطبيبك، وحاول التعرف على السبب واعمل على حل المشكلة، وإلا فسوف يزيد قلقك الأمر سوءاً.
العربية
