إنّ أفضل صدقةٍ يمكن جعلها للميّت؛ الصدقة الجارية، كتوفير ماءٍ بحفر بئرٍ، أو إجراء نهرٍ، أو ما شابه ذلك في الأماكن التي يحتاج أهلها إلى الماء، وكذلك بناء المساجد، وتوفير مراكز لحفظ القرآن الكريم، وتشييد المدارس والمستشفيات، ويلحق ثواب الصدقة على الأُسر المحتاجة بالميّت أيضاً، وهي من أفضل الصدقات وأعظمها أجراً، ويمكن لمن تردّد بين بناء مسجد أو التصدّق على أُسرٍ فقيرةٍ أن ينظر إلى درجة احتياج هذه الأُسر للصدقات، ثمّ يُقارنها بدرجة الحاجة إلى المسجد، ثمّ يعمل بناءً على ما ترجّح له من الأمرين، وهذا من باب ترتيب الأولوياّت وتقديم الأهمّ على المهم.
قال الأئمة الأربعة بعدم جواز صلاة أحدٍ عن ميّتٍ ترك شيئاً من الصلوات المكتوبة، فلا يجوز أن يقوم أحدٌ بقضاء الصلاة عن الميّت، سواءً كان تركه لها بعذرٍ أم بغير عذرٍ، كما لا يجوز أن يُصلّي بنيّة جعل ثواب الصلاة للميّت؛ لأنّ الشرع لم يرد بذلك ولم يدلّ عليه، ثمّ إنّ الأصل في الصلاة عدم دخول النيابة إليها، أمّا الحجّ والعمرة والدعاء والاستغفار والصدقة فكُلّها من أبواب البرّ بالميّت، ولفاعلها أجرٌ وثوابٌ جزيلٌ من الله تعالى
ذهبت جماعةٌ من أهل السنّة؛ كالحنابلة والحنفيّة إلى أنّ كُلّ قربةٍ يفعلها المسلم يجوز له أن يهب ثوابها لأحدٍ من أموات المسلمين؛ كصلاةٍ أو صيامٍ أو حجٍّ أو قراءة قرآنٍ أو صدقةٍ أو ذكرٍ أو غير ذلك من أنواع القٌربات، وهذا القول هو الأرجح دليلاً بين الأقوال الأخرى، فقد رأى الشافعيّ أنّ كُلّ ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار لا يُشرع فعله عن الميّت، ولا يصل إليه.