يتطلب الحكم التكليفي فعل شيء، أو تركه أو إباحة للفعل والترك للمكلف. أمّا الحكم الوضعي، فلا يفيد شيئاً من ذلك، إذ لا يقصد به إلّا بيان ما جعله الشارع سبياً لوجود شيء، أو شرطاً له، أو مانعاً منه ، ليعرف المكلف متى يثبت الحكم الشرعي، ومتى ينتفي فيكون على بيّنة من أمره.
الحكم الوضعي، لا يشترط في موضوعه أن يكون في قدرة المكلف، ومن ثم كان منه المقدور للمكلف، ومنه الخارج عن قدرته، ولكن مع هذا إذا وجد ترتب عليه أثره، فمن الحكم الوضعي المقدور للمكلف، السرقة والزنى وسائر الجرائم، فقد جعلها الشارع أسباباً لمسبباتها، فالسرقة مثلاً سببٌ لقطع يد السارق، والزنى جلد الزاني أو رجمه، وهكذا بقية الجرائم.
من الحكم الوضعي غير المقدور للمكلف حلول شهر رمضان فهو سبب لوجوب الصيام، ودلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة، والقرابة سبب للميراث، وهذه الأسباب كلها غير مقدورة للمكلّف، وبلوغ الحلم شرط لانتهاء الولاية على النفس، وبلوغ الإنسان الرشد شرط لنفاذ بعض التصرفات، وكل من البلوغ والرشد غير مقدور للمكلف، والأبوة مانعة من قتل الأب إذا قَتَلَ إبنه عمداً، والجنون مانع من تكليف المجنون من انعقاد عقوده، وكون الموصى له وارثاً مانعاً من نفاذ الوصية على رأي أكثر الفقهاء، وهذه الموانع كلها غير مقدورة للمكلف.