ولقد كان للعسل منزله عظيمة عند الشعوب العربية والإسلامية منذ القدم، ولا يزال على هذه الحال، لاسيما ما ورد في الآيات والأحاديث والأثار في فضله، وكان على رأس هؤلاء جميعا العلماء والأطباء العرب، وهؤلاء سوف يغتنمون النصيب الأكبر من الذكر، حيث أنهم الصفوة والمادحون عن علم وتجربة.
واول ما نورده عن فضائل العسل هي نصوص الشيخ الرئيس ابن سينا من كتابه "القانون في الطب" فهو في حديثه عن التبريد والتسخين يذكر:
"وأما التبريد والتسخين الكائنى منه، وإن كان ضاراً بالقياس إلى أكثر الأبدان، فكل واحد منهماقد يوافق مزاجا وقد لا يوافقه، فإن الأشياء الباردة قد تقوى الذي بهم سوء مزاج، كما ذكر جالينوس أن ماء الرمان يقوى المحرورين دائما، وماء العسل يقوى المبرودين دأئما".
وهذا نص عجيب يوره العلامة ابن سينا في فضل العسل كمطهر للمعدة، ودارئ للكوابيس عن الأطفال، فيقول:
"وقد يعرض للصبي أحلام تفزعه في نومه، وأكثرها من امتلائه لشدة نهمته؛ فإذا فسد الطعام وأحست المعدة به تأذى ذلك الأذى من القوة الحاسة إلى القوة المصورة والمخيلة، فمثلت أحلاما ردئية هائلة، فيجب ألا ينام كظة، وأن يلعق العسل؛ ليهضم ما في معدته ويحدره".
كما يذكر ابن سينا العسل كمضمد للجراح ومطهر لها؛ فيقول:
"الجراح والقروح: ينفع ذروره من الأكلة والقروح العنفة من العسل، ويمنع سعى الساعية والقروح المسودة، وقد تضمد به، ولا يدمل للذعة ولشدة حرارته ويبوسته، بل يجفف".
ويعدد ابن سينا في موضع آخر فوائد العسل بالنسبة للأعضاء التناسلية، سواء كان ذلك عند الرجل او المرأة، فيقول:
"ويحلل الدم الفاسد في المثانة بماء العسل، ويفتت الحصاة إذا شرب مع زهره. وفقاحه في الشراب يدر الطث والبول، وكذلك احتمال دهنه فإنه يدر بقوة، واحتمال دهنه أيضا يحلل صلابة الرحم ويفتح الرحم".
ويذكر ابن سينا أيضا من فوائد العسل انه إذا أضيف إلى بعض الأعشاب فإنه يقاوم السموم، فيقول :
"إضافة عصارة نبات الزينة مع العسل تقاوم السموم كلها".
ويذكر ابن سينا أن العسل يعصم من الصمم ويعالجه، فيقول:
"ينتفع من الحزاز ورغوته مع العسل، إذا قطر في الأذن نقى وفتح ونفع من الصمم".
وهو يذكر كذلك أن العسل مفيد للصدر والرئتين؛ فقد ذكر أن:
"ماء البصل مع العسل ينفع مع الخناق".
وهو يذكر أن تناول البندق مع العسل يفيد علاج السعال؛ فيقول:
"يؤكل – أي البندق – بماء العسل فينفع من السعال المزمن، ويعين على النفث".
ويذكر ايضا أن خليطاً من الزينة والعسل والحلبة نافع لكمود العين فيقول" هو أي الزينة مع العسل والحلبة، ضماد لكمودة العين".
ويرى ابن سينا أن تناول العسل مع دم الماعز ربما يكون علاجا للدوسنطاريا: فيقول: وقد يشرب دم الماعز مع العسل فينفع من دوسنطاريا".
كما يذكر ايضا أن خليط من دهون اللوز مع العسل يمكن استعماله كمغذ للشعر وحافظ له، فيقول :
"ودهن القسط يحفظ الشباب في الشعر (دهن اللوز مع العسل)، خصوصا المر".
ويؤكد أبن سينا عن تجربة شخصية على أهمية العسل كدواء لبياض العين، فيقول
"زبل الورل والضب والتمساح لبياض العين، وكذلك زبل الحمام والعصافير للبياض، وزبل الخطاف عجيب في ذلك وقد جربته أنا مع العسل".
وفي كتاب (كنوز في الرقية والطب) نصوص غزيرة، تعدد للعسل فوائد ومناقب، منها ذكر أن:
"عسل النحل علاج ممتاز للاضطربات العصبية، وأن كوب ماء دافئ مذاب فيه ملعقتان او ثلاث من العسل إذا أخذت شرابا قبل النوم، تسبب النوم الهادئ".
العربية
