يسمّى ستار الكعبة بالكُسوة الشَّريفة، وهو لباسٌ تُكسى به الكعبة المشرفة، وجرت العادة أنْ يُغيَّر كلّ عامٍ، وفي المعجم الوسيط؛ الكسوة هي السترة التي تُغطّى بها الكعبة، كما أنّ الكُسْوَةُ في لغة العرب تُصرف إلى الثوب الذي يُستتَرُ به ويُتحلَّىوقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم جواز أخذ أحدٍ شيئاً من كسوة الكعبة؛ لأنّه مُهدى إليها، ولا يصحّ أنْ ينقص منها شيئاً،وتنسجم تسمية أستار الكعبة بالكسوة من حيث الدلالة اللغوية؛ ففي اللغة أستارٌ، وسُتُورٌ، وسُتُر جمع، ومفردها سِتْر، وهو الحجاب، ويطلق على ما يستتر ويتغطّى به، والكعبة هي بيتُ الله الحرام في مكّة المكرمة، وهو أوّل بناءٍ وضعه الله عزّ وجلّ لعبادته في الأرض، وهو بناءٌ مُكعّب الشّكل، رفعه إبراهيم عليه السلام، وجدّدت قريش بناءه، ويطلق عليه البيت العتيق، والبيت الحرام كذلك
القول بأنّ إبراهيم -عليه السلام- هو أوّل من بنى الكعبة يصطدم مع الحديث الصحيح الذي يؤكّد أنّ الكعبة بُنيت قبل المسجد الأقصى بأربعين سنةً، وجاء في روايةٍ أخرى صحيحةٍ أنّ الذي بنى المسجد الأقصى نبّي الله سليمان، وإبراهيم جاء بعد سليمان -عليهما السلام- بأكثر من ألف عامٍ، ومن هنا يمكن القول أنّ بناء إبراهيم -عليه السلام- للبيت الحرام كان بناء تجديد، وليس أوّل بناء له، وأمّا بناء التأسيس للبيت الحرام فلعلّ أقرب الآراء للصواب أنّ آدم -عليه السلام- هو أوّل مَنْ شرّفه الله تعالى ببناء الكعبة؛ وقد وردت عدّة رواياتٍ تشير صراحةً إلى هذا المعنى، وحتى لو كانت الروايات التي أشارت إلى أنّ أول بناءٍ للبيت قام به آدم -عليه السلام- قد دخلتها الإسرائيليات؛ فإنّ حكمها أنّها لا تصدّق ولا تُكذّب، إلَّا إذا جاء الدليل الصحيح على كذبها فعندها تردّ، وإن جاء دليلٌ صحيحٌ على صدقها فإنّها تُصدّق، وقد جاء الدليل الصحيح على أنّها مبنيةٌ قبل زمن إبراهيم عليه السلام، كما أنّ الآية السابقة لا تشير صراحةً إلى كون إبراهيم -عليه السلام- هو أوّل من بناها، وإنّما أشارت إلى أنّه رفع قواعدها؛ فالقواعد موجودةً قبل بناءه لها.