الحياء خلقٌ عظيمٌ، وهو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام، وقد أخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه خُلق الإسلام، فقال: (إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقاً، وخُلُقُ الإسلامِ الحياءُ)، وقد أمر الله -تعالى- المسلمين بالتخلّق بخلق الحياء، والاتصاف به، وذلك لما فيه من ميزاتٍ وفضائلٍ عظيمةٍ، حتى إنّه جعله شعبةً من شُعب الإيمان، وجزءاً مهمّاً فيه، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الحَياءُ شُعبةٌ منَ الإيمانِ)،والرابط بين الإيمان والحياء الذي يجعله جزءاً منه، أنّ كلاً منهما يدعو إلى الخير ويصرف عن الشر، والناس إذا استغرقوا في الفحش والبذاءة والجرأة، فهذا يدلّ على فقدانهم للحياء، وابتعادهم عنه، وللحياء أقسامٌ عديدةٌ، فمنه ما يكون حياءً من الله عزّ وجلّ، وذلك حين يستقرّ في نفس الإنسان أنّ الله -تعالى- مطّلع عليه، يراه في كلّ أحواله وأوضاعه، فيبقى حينها على حياءٍ من فعل المعصية، أو من التقصير في العبادة والطاعة
يظنّ بعض الناس أنّ الحياء هو ذاته الخجل، والحقيقة أنّ هناك اختلافٌ واضحٌ بينهما، فالحياء خُلقٌ عظيمٌ يحمل صاحبه على فعل الأمور الفاضلة الخيّرة، وينهاه عن فعل الأمور السيئة المشينة، أمّا الخجل فإنّه يؤدي بالإنسان إلى ترك الفضائل ومكارم الأخلاق، وممّا قاله الحسن إنّ الحياء قسمان، الطرف الأول منهما الإيمان، والطرف الآخر العجز، فالطرف المتصل بالإيمان هو الحياء الذي يأمر الإنسان بفعل الجميل وترك القبيح، والطرف المتصل بالعجز هو الخجل الذي يترك من أجله الإنسان ما ينفعه من أمور الدين والدنيا، وقد يحمله على الوقوع في أمورٍ لا ينبغي له أن يقع فيها، ولذلك فإنّ بعض العلماء يطلقون على الخجل اسم الحياء المذموم، وإن كان الأولى والأفضل ألّا يسمّيه الإنسان حياءً أصلاً، لأنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال عن الحياء: (الحياءُ لا يأتي إلَّا بخيرٍ)،ولذلك فالخجل عجزٌ وخوارٌ لا حياءٌ محمودٌ
للاتصاف بخُلق الحياء فضائلٌ وثمراتٌ عديدةٌ تعود على صاحبه المتخلّق به، وفيما يأتي بيان بعضٍ منها: