ما تحتاج معرفته حول القلب الرئوي

الكاتب: د. ايمان شبارة -
ما تحتاج معرفته حول القلب الرئوي.

ما تحتاج معرفته حول القلب الرئوي.

يعرّف القلب الرئوي cor pulmonale بأنه التبدل في بنية البطين الأيمن ووظيفته الناجم عن الآفات التي تصيب بدئياً الجملة التنفسية والتي تؤدي إلى ارتفاع في الضغط الشرياني الرئوي.

القلب الرئوي مرض شائع ويحدث تالياًً للعديد من الآفات الرئوية وخاصة الداء الرئوي الانسدادي المزمن (COPD) chronic obstructive pulmonary disease، ويكون عادةً ذا سير مزمن ومترقٍ ببطء، غير أن القلب الرئوي الحاد قد يحدث تالياَ للارتفاع الشديد في الحمل التِّلْوي الرئوي. ويعدّ القلب الرئوي السبب الثالث للمراضة والوفيات القلبية في البلدان المتطورة.

من الصعب تقييم مدى انتشار القلب الرئوي ونسبة حدوثه بين الأفراد المصابين بآفات نقص الأكسجة الرئوية ذوي الخطورة، ولكنه يعدّ حالياً من أهم أسباب المراضة والوفيات في البلاد المتطورة، وربما يعود ذلك إلى ارتباطه الوثيق بالداء الرئوي الانسدادي المزمن وبالتدخين. ويراوح طيف القلب الرئوي السريري من تبدلات طفيفة في وظيفة البطين الأيمن إلى قصور بطين أيمن صاعق، ويقدر أنه مسؤول عن 10-30% من قبولات المستشفيات لقصور القلب.

الفيزيولوجية المرضية

هناك عدة آليات فيزيولوجية مرضية مختلفة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط رئوي تالٍ للآفات الرئوية وبشكل لاحق إلى القلب الرئوي، ومن هذه الآليات: 

- التقبض الوعائي الرئوي الناجم عن نقص الأكسجة السنخية أو الحُماض الدموي، وهذا يؤدي إلى سوء وظيفة البطانة الوعائية الرئوية، ومن ثم إلى تبدلات بنيوية في السرير الوعائي الرئوي، يليها ارتفاع المقاومة الرئوية الوعائية.

- الانضغاط أو التخريب التشريحي للسرير الوعائي الرئوي التالي لآفات رئوية مثل النُّفاخ الرئوي وآفات الرئة الخلالية والصمّات الخثارية الرئوية.

 - زيادة اللزوجة الدموية. 

التبدلات الفيزيولوجية المرضية في الجملة القلبية الوعائية في القلب الرئوي المزمن:

البطين الأيمن حجرة رقيقة الجدران، يعمل مضخة حجمية أكثر من كونه مضخة ضغطية، وبالتالي يتكيف على نحو أفضل مع تغيرات الحمل القبلي مما هو مع تغيرات الحمل التّلْوي. ولذا فمع زيادة الحمل التلوي المزمنة التالية لزيادة المقاومة الوعائية الرئوية يتوسع  البطين الأيمن ويتضخم ويزيد من ضغطه الانقباضي حتى يصل إلى مرحلة تؤدي فيها زيادة الضغط الشرياني الرئوي إلى انكسار في معاوضة البطين الأيمن، وزيادة ضغط الانبساط للبطين الأيمن، وارتفاع في ضغط الأذينة اليمنى ومن ثم قصور بطين أيمن. إن الفترة الفاصلة بين حدوث ارتفاع في الضغط الرئوي وقصور البطين الأيمن غير معروفة، وقد تختلف من مريض إلى آخر. ولكن هناك علاقة بين شدة ارتفاع الضغط الرئوي وسرعة تطور قصور البطين الأيمن. يؤدي النقص في نتاج البطين الأيمن إلى نقص في الحجم الانبساطي للبطين الأيسر وبالتالي إلى نقص في نتاج البطين الأيسر. وبما أن الشريان الإكليلي الأيمن المروي للجدار الحر للبطين الأيمن ينشأ من الأبهر؛ فإن نقص نتاج البطين الأيسر يُنقص الجريان الدموي للشريان الإكليلي الأيمن وبالتالي تنقص التروية الإكليلية للبطين الأيمن. يؤدي فرط الحمل الحجمي للبطين الأيمن إلى انزياح الحجاب بين البطينين باتجاه البطين الأيسر. ويعدّ هذا الانزياح عاملاً إضافياً في نقص حجم البطين الأيسر ونتاجه. وهكذا تبدأ دارة معيبة ما بين نقص نتاج البطين الأيسر والبطين الأيمن.

التبدلات الفيزيولوجية المرضية في الجملة القلبية الوعائية في القلب الرئوي الحاد:

يستجيب البطين الأيمن للزيادة الحادة في المقاومة الوعائية الرئوية بالتوسع مع زيادة في الحجوم الانقباضية والانبساطية من دون ارتفاع في الضغط الانقباضي (لا يزيد الضغط الانقباضي للبطين الأيمن على 40 ملم زئبق). وإذا لم يستطع البطين الأيمن المعاوضة على نحو كاف ازداد ضغطه في نهاية الانبساط وحدث قصور البطين الأيمن الحاد.

الأسباب

يحدث القلب الرئوي نتيجة لإصابة في الجملة الوعائية الرئوية. وتكون هذه الإصابة إمّا بدئية كما في الصمّات الرئوية المتكررة وداء الخلايا المنجلية والتهاب الأوعية الرئوية والداء الرئوي الوريدي الساد والتقبض الوعائي المرافق للسكن في المرتفعات وارتفاع الضغط الرئوي البدئي؛ وإما ثانوية تالية للعديد من الآفات الرئوية التي تصيب الأسناخ الرئوية أو الخلال الرئوي.

وتصنف الآفات الرئوية المحدثة للقلب الرئوي في:

1- الآفات المحددة للجريان، وأكثرها شيوعاً الداء الرئوي الانسدادي المزمن وانسداد القصبات المزمن.

2- الآفات الرئوية الحاصرة سواء الخارجية المنشأ أم المتنية (البرنشيمية).

3- آفات اضطراب التبادل الغازي نتيجة سوء التحكم المركزي بالتهوية أو ما يطلق عليه القصور التنفسي المركزي المنشأ. 

يعدّ الداء الرئوي الانسدادي المزمن السبب الأكثر شيوعاً للقلب الرئوي المزمن؛ إذ إنه يؤلف 60-80% من أسباب حالات القلب الرئوي المزمن في البلدان المتطورة، وهو يشمل كلاً من التهاب القصبات الانسدادي المزمن والنُّفاخ الرئوي، وغالباً ما يوجد تشارك بينهما بدرجات مختلفة. ويعد ارتفاع الضغط الرئوي المضاعفة القلبية الوعائية الرئيسية المصادفة في الداء الرئوي الانسدادي المزمن، ويكون الضغط الرئوي التالي للآفات الرئوية مرتفعاً إذا تجاوز الضغط الرئوي الوسطي في أثناء الراحة 20ملم زئبق.

 يتطور ارتفاع الضغط الرئوي والقلب الرئوي ببطء لدى مرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن، لكنه يشير إلى إنذار سيئ؛ إذ تبلغ نسبة البقيا 5 سنوات لدى هؤلاء المرضى  مع ضغط رئوي سوي 72%؛ في حين تبلغ 49% إذا كان الضغط الرئوي مرتفعاً. يزداد حدوث القلب الرئوي في مرضى الداء الرئوي الانسدادي مع ترقي الانسداد في الطرق التنفسية. وقد أشارت الدراسات إلى أن نقص الضغط الجزئي للأكسجين الشرياني Pao2 إلى أقل من 55 ملم زئبق ونقص حجم الزفير القسري إلى أقل من 50% من قيمته المتوقعة مؤشران على تطور الآفة الرئوية إلى القلب الرئوي. وتزداد نسبة حدوث القلب الرئوي كلما ازداد النقص في حجم الزفير القسري؛ فهي 40% إذا كان هذا الحجم أقل من لتر واحد وتصبح 70% إذا  نقص إلى ما دون 0.6لتر.

ومن الآفات الحاصرة يشكل التليف الرئوي المجهول السبب والجَنَف الحُدابي kyphoscoliosis وتغبُّر الرئة الأسباب الرئيسية للقلب الرئوي. أما متلازمة نقص التهوية المسمّاة متلازمة بيكويك فهي السبب الأشيع من أسباب القصور التنفسي المركزي لحدوث  القلب الرئوي.

شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook