تهدف عملية زراعة القلب إلى تزويد المريض بقلب يكون أداؤه سليماً, إثر فقدان قلبه القدرة على القيام بوظائفه بشكل سليم, نتيجةً للعديد من الأسباب والعوامل التي تؤدي في نهاية المطاف لفشل القلب النهائي (end-stage cardiac disease):
فشل قلبي حاد أو مزمن، عقب الإصابة بنوبة قلبية إقفارية (Ischemic Heart diseases)، أضرار في مبنى أقسام القلب، الاٍصابة القلبية الناجمة عن مرض السكري، اٍعتلال عضلة القلب (Cardiomyopathy)، مرض رئوي مزمن يؤدي اٍلى الفشل القلبي، تعرض القلب للضرر عقب الإصابة بمرض عدوائي، عيوب خلقية في القلب وغيرها. فشل القلب النهائي الذي يستدعي اٍجراء عملية زراعة القلب هو المرض الذي من غير المتوقع أن يتحسن وضعه باستخدام الوسائل العلاجية الدوائية او الوسائل العلاجية الجراحية الأخرى، وحيث يكون متوسط العمر المتوقع الأقصى، في حال عدم اٍجراء عملية زراعة القلب، من سنة اٍلى سنتين.
أثناء عملية زراعة القلب، يتم دعم جسم المريض بواسطة جهاز قلب-رئة، والذي يعمل كمضخة خارجية لدم المريض، وذلك من أجل أكسدة الدم والتخلص من السموم، أثناء زرع القلب الجديد في صدر المريض.
يتم التبرع بالقلب على يد متبرع توفي حديثا، ليس لأسباب قلبية، مما يعني بأن القلب المزروع يكون سليماً، غالباً ما يدور الحديث عن متبرعين أصيبوا بموت دماغي (Brain death). على الرغم من محاولة زيادة وعي الجمهور, بخصوص موضوع التبرع بالأعضاء, إلاّ أننا لا نزال نعاني من نقص حاد في المتبرعين بالأعضاء.
لا داعي لإجراء فحص تطابق الأنسجة أو فحص فصيلة الدم, عند إجراء زراعة القلب، إذ توجد اليوم علاجات ممتازة يتم إعطاؤها للمريض بعد العملية، تتيح هذه الأدوية تقبّل الجسم للعضو المزروع بنسب نجاح عالية.
في الحالات التي لا تتوفر بها اٍمكانية تناول هذه العلاجات، تكون هنالك حاجة بوجود متبرع ذو أنسجة مطابقة بدرجة معينة (HLA) وملائمة نوع الدم (ABO).
الاٍختبارات التي على المتلقي إجراؤها, تشمل فحوصات دم من نوع: العد الدموي الشامل (CBC)، كيمياء الدم، وظائف تخثر الدم، وظائف الكلى والكبد، فحص البول، تصوير الصدر بالأشعة السينية، فحص شامل للأسنان (لاٍستبعاد وجود مصدر للعدوى)، وأحيانا يتم اٍجراء قثطرة قلبية مسبقة (وذلك من أجل التأكد من سلامة الأوعية الدموية والضغط في الأوعية الدموية الرئوية).
يتم اٍجراء زراعة القلب تحت تأثير التخدير العام. يجب اٍستشارة الطبيب بخصوص الأدوية التي على المريض التوقف عن تناولها في الأيام التي تسبق اٍجراء العملية، كما ينبغي على المريض أن يصوم بشكل كامل لمدة 8 ساعات قبل العملية.
بعد اٍجراء تعقيم شامل للصدر، يتم إحداث شق مركزي طويل على طول عظمة القص (sternum), في الصدر. من ثم، يتم فصل العظمة من أجل التمكن من الوصول اٍلى جميع أعضاء الصدر.
في المرحلة الثانية يتم اٍستبدال عمل قلب ورئتي المريض بواسطة جهاز قلبي-رئوي اٍصطناعي، وذلك للحفاظ على دورة دموية سليمة أثناء العملية، والتي لا تكون عبر الصدر (وذلك لكي يتمكن الجراحون من العمل بمكان جراحي واضح ونظيف).
يتم اٍجراء المجازة القلبية الرئوية (Cardiopulmonarybypass) عن طريق منع تدفق الدم في الأوعية الدموية الرئيسية (الشريان الأبهر (aorta)، أوردة الرئة وغيرها)، وتحويله اٍلى الماكنة، وذلك من أجل تزويد الأوكسجين وتنقية الدم من المواد السامة، لفترة زمنية قصيرة.
عندما يكون القلب المتبرع به جاهزاً، يقوم الجراح بفتح التأمور (Pericardium) (الغشاء الخارجي للقلب)، ويقوم بإخراج القلب المريض بأكمله باٍستثناء الجزء العلوي الخلفي من القلب – أي أحد الأذينين في القلب، الذي يتم اٍبقاؤه في الصدر من أجل إيصاله بالقلب الجديد.
يتم خياطة الأوعية الدموية الكبيرة الموجودة عند المريض مع القلب السليم (بواسطة الأوعية الدموية الكبيرة الموجودة في القلب السليم).
في النهاية يتم توجيه دم المريض مجددا من الماكنة اٍلى الجسم. يتم اٍغلاق غشاء القلب وخياطة الصدر مجدداً. يتم وضع أنبوب نازح أو عدة أنابيب في الصدر من أجل نزح السوائل والدم المتبقية في الأنسجة. يتم وضع ضمادة كبيرة على الشق الجراحي.
المخاطر العامة للعمليات الجراحية:
عدوى في الشق الجراحي– غالبا ما تكون سطحيةً ويتم علاجها بشكل موضعي، ولكن أحيانا يمكن أن تحدث عدوى أكثر خطورة في الأنسجة الموجودة تحت الجلد وحتى في عظمة الصدر، الأمر الذي يوجب فتح الشق من جديد من أجل اٍزالة البقايا الجرثومية.
نزيف- وخاصة في منطقة العملية الجراحية كنتيجة للرضح الموضعي للأنسجة. يمكن أن يحدث النزيف فورا بعد العملية الجراحية، وحتى بعد 24 ساعة من العملية وفي حالات نادرة جدا يمكن أن يظهر النزيف بعد عدة أسابيع أو حتى بعد مرور أشهر. يحدث النزيف كنتيجة لتمزق ونزف من الأوعية الدموية الصغيرة أو الكبيرة، أو كنتيجة لاٍرتباط غير سليم بين الأوعية الدموية.
في الحالات التي يحدث بها نزيف كبير، فإن ذلك يلزم القيام بنزح اٍضافي. عند حدوث نزيف كبير, يؤدي اٍلى فقدان كميات كبيرة من الدم يمكن أن تكون هنالك حاجة لاٍجراء عملية جراحية اٍضافية لإيقاف النزيف من الوعاء الدموي.
ندوب- تتعلق طبيعة شفاء الندوب بنجاعة الغرز الجراحية وبالعوامل الوراثية. ليست هنالك وسيلة لتنبؤ طريقة شفاء الندوب بعد العملية.
مخاطر التخدير- غالبا ما يدور الحديث عن ظواهر تتعلق بفرط التحسس تجاه الأدوية المخدرة (إستجابة أرجية). في بعض الحالات النادرة, يمكن أن يحدث هبوط شديد في ضغط الدم (صدمة تأقية (anaphylactic shock)).
المخاطر الخاصة:
تعرض الأوعية الدموية القلبية الكبيرة للضرر– بسبب اٍستعمال معدات حادة.
تعرض مبنى القلب للضرر– الصمامات، العضلة أو الغشاء.
رفض حاد للقلب المزروع– يتمثل برد فعل مناعي شديد للجسم ضد القلب المزروع، في حال حدوثه خلال 60 يوم من الزراعة. يتم اٍعطاء العديد من الادوية لتجنب حدوث هذا الرفض.
بعد اٍنهاء عملية الزرع، يمكث المريض في وحدة العناية المركزة تحت الاٍشراف الطبي, بهدف الإنعاش, لمدة 1-3 أيام. وبعد ذلك يقيم في القسم لمدة 10-14 يوماً اٍضافياً.
أحيانا يتم زراعة جهاز خارجي لتنظيم ضربات القلب أثناء العملية الجراحية، يساعد هذا الجهاز القلب الجديد على القيام بوظيفته من الناحية الكهربائية في الأيام الأولى، حتى ينتظم نبض القلب.
يتم اٍعطاء الأدوية الكابتة لجهاز المناعة بشكل فوري، وذلك من أجل تجنب حدوث رفض الجسم للقلب المزروع, قدر الإمكان. يتم تناول هذه الأدوية لفترة طويلة، وأحياناً لكل الحياة، وهي تلزم اٍجراء مراقبة دقيقة لفحوصات الدم ووظائف الكلى عند المريض، نظرا لتأثراتها الجانبية المختلفة.
بالاٍضافة إلى ذلك, يتم تناول مضادات حيوية لمنع الاٍصابة بالعدوى، ويتم تزويد المريض بالسوائل للحفاظ على ضغط الدم بعد اٍجراء عملية الزراعة.
يتم اٍعطاء مسكنات للألم عبر الوريد, حسب الحاجة.
يتم اٍزالة الضمادة والغرز من الشق الجراحي بعد أسبوع- اسبوعين من عملية زراعة القلب. يتم إخراج الأنابيب النازحة حسب الحاجة ووفقا لكمية السوائل والنزيف المصرفة.
في الحالات التي يظهر بها اٍرتفاع مفاجىء في درحة حرارة الجسم، هبوط ضغط الدم، ضيق في التنفس، اٍحتباس البول، نزيف شديد أو آلام غير محتملة، يجب اٍعلام الطبيب بذلك.
عملية التماثل للشفاء والعودة لمزاولة النشاطات اليومية بعد عملية زرع القلب تأخذ وقتاً, إذ أنها تحدث بشكل بطيء وتدريجي.