ما تحتاج معرفته حول فرط البروتينات الشحمية الوراثي المنشأ (العائلي)

الكاتب: د. ايمان شبارة -
ما تحتاج معرفته حول فرط البروتينات الشحمية الوراثي المنشأ (العائلي).

ما تحتاج معرفته حول فرط البروتينات الشحمية الوراثي المنشأ (العائلي).

 إن فرط البروتينات الشحمية العائلي آفة خِلْقية تزداد لدى المصابين به سويات الشحوم في المصل، وخصوصاً الكوليسترول وثلاثي الغليسريد بسبب جيني مورثي؛ مما يؤهب لحدوث مضاعفات قلبية وعائية مبكرة، مع ظهور أعراض وعلامات أخرى. إن كل التدابير العلاجية المتخذة عند هؤلاء المرضى- حتى في الأعمار المبكرة- من توصيات غذائية ونشاط فيزيائي وعقاقير خافضة للشحوم يجب أن تستمر طوال الحياة مع المراقبة المستمرة ومع تقييم الحالة الصحية للأقارب المُؤَهَّبين أيضاً. وفيما يلي ذكر ستة نماذج وراثية لاضطرابات الشحوم.

أولاً- فرط «الدقائق الكيلوسية» العائلي familial hyperchylomicronemia:

مرض وراثي نادر، لا يتمكن فيه البدن من التخلص من جسيمات الدقائق الكيلوسية  من مجرى الدم، وبالتالي تحدث زيادة مفرطة في سوَّيات ثلاثي الغليسريد المصلية  تصل إلى أعلى من 1000ملغ/دسل. وقد تتجاوز 7000ملغ/دسل في حالات قليلة، فيغدو مصل المريض في أنبوب الاختبار حليبياً أبيضَ قشدياً عياناًَ في أي وقت تم فيه أخذ عينة الدم حتى إن تجاوزت مدة الصيام ساعات طويلة، وليس أصفر رائقاً كما هو مألوف في وصف المصل السوي.

تظهر الأعراض باكراً خلال الطفولة وسني الشباب الأولى على شكل نوب ألم بطني معاود مع ضخامة كبد وطحال واندفاعات (أو طفح) صفراء قرنفلية على الجلد في مناطق  المرفق والركبة و الأرداف والعجز والناحية الأمامية للساعد وخلف الذراع. وتدعى هذه الاندفاعات «طفح الأورام الصُّفْر» xanthoma، وهي رُسابات متكدسة من الدهون (ثلاثي الغليسريد خاصة)، وتتفاقم الأعراض عند تناول الدهن بالقوت. لايؤدي هذا الاضطراب إلى التصلب العصيدي غالباً؛ إلا أنه يمكن أن يسبب التهاب المُعثْكِلَة الشحمي بين الفينة والأخرى. يطلب من المصابين  تجنب تناول كل أنواع الدهون المشبعة واللامشبعة.

ثانياً- فرط الكوليسترول العائلي:

يصيب هذا الداء الوراثي قرابة 1 من 500 من الناس، وتكون فيه سويات كوليسترول المصل مرتفعة. قد تظهر لدى المصابين أورام ُصفر على أوتار القدم والركبة والمرفق والأصابع، ونادراً ما تشاهد في عمر العاشرة. يمكن لهذه الآفة أن تسبب تطوراً سريعاً للتصلب العصيدي، والموت المبكر الذي  يتبع داء القلب الإكليلي. ويشكو واحد من كل ستة أشخاص مصابين بالمرض هجمة (نوبة) قلبية في عمر الأربعين، كما يشكو اثنان من كل ثلاثة مرضى هجمة قلبية في عمر الستين. إن لدى النساء المصابات أيضاً عامل خطر قلبي وعائي، لكنه يتظاهر متأخراً؛ إذ تحدث نوبة قلبية في نحو مريضتين في عمر الستين من بين كل خمس نسوة مصابات.

     ترتكز المعالجة على حمية ناقصة الدهون المشبعة والكوليسترول معاً، مع خفض الوزن، وإيقاف التدخين، وضبط عوامل الخطر الأخرى المرافقة إن وجدت كالداء السكري وارتفاع ضغط الدم، مع الالتزام بممارسة الفعالية الفيزيائية المنتظمة. وتتطلب الإصابة بهذا الداء الوراثي عقاقير خافضة للشحوم طوال الحياة مع المراقبة.

ثالثاً- فرط الشحميات العائلي المشترك:

آفة وراثية  تكون فيها سويات الكوليسترول أو ثلاثي الغليسريد أو الاثنين معاً زائدةً في الدم، وتبلغ نسبة الإصابة 1-2% من الناس. ومن المعهود أن يبدأ ظهور ارتفاع سويات الشحوم في الدم في بداية العقد الرابع ؛ إلاّ أنه قد يظهر أيضاً في سني الشباب المبكر، ولاسيما عند المرضى المصابين أيضاً بزيادة الوزن أو المتعودين على قوت مفرط الدهون أو المصابين بالمتلازمة الاستقلابية.

ترتكز المعالجة على الحد من امتصاص الأمعاء للدهون والكوليسترول والسكر، مع مزاولة التمارين الرياضية المنتظمة وإنقاص الوزن. ويحتاج كثير من هؤلاء المصابين إلى العقاقير الخافضة للشحوم أيضاً مدى الحياة مع المراقبة.

رابعاً- شَوَه البروتينات الشحمية بيتا العائلي:

     تكون فيه سويات كل من مجمل الكوليسترول وكوليسترول البروتين الشحمي منخفض الكثافة LDL وثلاثي الغليسريد زائدة بالدم، وتزيد هذه المكونات بسبب إنشاء فائض لجسيمات البروتين الشحمي الشديد انخفاض الكثافة VLDL في الكبد فتتراكم بالدم.

قد تظهر الأورام الصفر على جلد المرفق والركبة، كما يسبب هذا الاضطراب تطوراً باكراً للتصلب العصيدي الخطر؛ إذ قد تظهر في المرحلة المتوسطة من العمر شكاوى انسداد الشرايين الإكليلية والمحيطية، كما يسبب نقص معدل تدفق الدم في شرايين الساق الألم بالحركة (العرج المتقطع).

تعتمد المعالجة على تحقيق الوزن المطلوب والمحافظة عليه من دون تهاون، مع تحديد المتناوَل من الكوليسترول والدسم المشبعة والسكريات. كما يحتاج المصابون إلى تطبيق العقاقير المخفضة للشحوم مدى الحياة مع المراقبة. وحينما تتم متابعة المعالجة والالتزام بالتدابير المذكورة سابقاً تتناقص سويات الشحوم، وقد يتباطأ تطور التصلب العصيدي مع تراجع الأورام الصُّفْر على الجلد التي قد تختفي.

خامساً- فرط ثلاثي الغليسريد العائلي:

تكون سويات ثلاثي الغليسريد فيه زائدة في المصل، ويصيب هذا الاضطراب 1% من الناس تقريباً. وفي بعض حالات الإصابة العائلية بهذا الداء يظهر التصلّب العصيدي في سني الشباب من دون حدوث ذلك في الحالات الأخرى.

يمكن لإنقاص الوزن مع الامتناع التام عن تعاطي الخمور خفض سويات ثلاثي الغليسريد حتى الحدود السوية أحياناً. ويمكن اللجوء إلى الأدوية الخافضة للشحوم أيضاً لتحقيق الهدف. كما يجب ضبط السكر عند المرضى السكريين من المصابين بهذا الداء.

سادساً- فرط البروتينات الشَّحمية المختَلِط الوخيم:

وهو اضطراب نادر، تكون فيه سوية ثلاثي الغليسريد شديدة الارتفاع. ولايتمكن البدن في الأشكال الخطرة لهذا الاضطراب من تحقيق الاستقلاب الملائم لطرح الفائض من ثلاثي الغليسريد. أما في الإصابات المتوسطة فيمكن لسويات ثلاثي الغليسريد أن تغدو مرتفعة جداً، وذلك حين وجود آفات مرافقة أخرى كتناول الخمور وسوء ضبط السكر والقصور الكلوي.

وأهم العلامات السريرية لهذا الداء هي الترسبات الدهنية الكثيرة (أورام صفر) في جلد مقدم الساق وخلف الذراع، مع ضخامة الكبد والطحال والألم البطني، ونقص في حس اللمس يتلو حدوث الأذية العصبية. وتتفاقم الحالة بتناول المسكرات والدهون. كما يحدث التهاب المعثكلة على نحو مؤقت، وهو التهاب يحرضه تناول الدهون، وقد يصل إلى درجة خطرة مهددة لحياة المصاب.

يمكن لنظام حمية يحدد المتناول اليومي من الدهون بأقل من 50غ أن يقي من الأذية العصبية والتهاب المعثكلة؛ كما يساعد إنقاص الوزن والامتناع عن معاقرة الخمور على تلطيف حدة الأعراض والعلامات. وقد تكون العقاقير المنقصة للشحوم فعالة في هذا المجال، ومن الواجب المواظبة على تناولها مع استمرار المراقبة.

شارك المقالة:
81 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook