ما تحتاج معرفته فيما يخص الرجفان الأذيني

الكاتب: د. ايمان شبارة -
ما تحتاج معرفته فيما يخص الرجفان الأذيني.

ما تحتاج معرفته فيما يخص الرجفان الأذيني.

هو أكثر أشكال اضطرابات النظم المستمرة شيوعاً، ويزداد شيوعه مع تقدم العمر؛ إذ تتقلص الأذينة في أثناء الرجفان الأذيني بطريقة غير متناسقة وغير فعالة، ويتم تفعيل البطينات على نحو غير منتظم وبسرعة يحددها النقل عبر العقد الأذينية البطينية، وهذا يؤدي إلى انعدام الانتظام.

يبدي مخطط كهربائية القلب مركّبات QRS سوية تفصلها مسافات متباينة، وليست هناك موجة P، ولكن قد يظهر الخط القاعدي موجات رجفانية غير منتظمة.

يصنف الرجفان الأذيني في ثلاثة أشكال:

1- رجفان أذيني اشتدادي (متقطع مع نوب متكررة محددة لذاتها تستمر أقل من أسبوع).

2- رجفان أذيني مستمر (نوب طويلة تستمر أكثر من سبعة أيام يمكن أن تزول بقلب النظم).

3- رجفان أذيني دائم (يستمر أكثر من سنة).

يمكن للرجفان الأذيني أن يكون الظاهرة الأولى لأمراض قلب عديدة، ولاسيما تلك المصحوبة بتوسع الأذينة اليسرى. ويرى 50% من نوب الرجفان الأذيني الاشتدادي و10% من نوب الرجفان الأذيني المستمر أو الدائم لدى أشخاص ذوي قلب سوي، وهذا ما يسمى الرجفان الأذيني المعزول.

يرافق الرجفان الأذيني تضاعف نسبة الوفيات والخطورة بسبب تأثيره في تفاقم المرض القلبي المستبطن وزيادة خطر الانصمام الدماغي.

الأسباب الشائعة للرجفان الأذيني:

- آفات الشرايين الإكليلية.

- آفات القلب الصمامية، وخاصة الصمام التاجي.

- ارتفاع الضغط الشرياني.

- مرض العقدة الجيبية.

- فرط نشاط الدرق.

- الكحول.

- اعتلال العضلة القلبية.

- آفات القلب الولادية.

- الصمَّة الرئوية.

- التهاب التأمور.

- أسباب مجهولة (الرجفان الأذيني المعزول).

التدبير:

 تشمل مقاربة المريض - المشخص له حديثاً رجفان أذيني- أخذ القصة المرضية وإجراء فحص سريري كامل وصدى القلب واختبارات الدرق. وعموماً، عندما يكون الرجفان الأذيني تالياً لآفة مرضية أخرى يؤدي العلاج الفعال لتلك الآفة إلى تراجع الرجفان الأذيني؛ ومثال ذلك حدوث الرجفان الأذيني بعد صمَّة رئوية. إن علاج الصمَّة يفضي إلى تراجع هذا الرجفان.

ويرتكز العلاج في الحالات الأخرى على ثلاثة محاور:

1- قلب النظم: ويتم ذلك باستعادة النظم الجيبي (إما دوائياً وإما بالصدمة الكهربائية الانتقائية) والمحافظة عليه. ومن المألوف أن تستخدم هذه الطريقة حينما يكون الرجفان حديثاً أو معزولاً.

2- السيطرة على السرعة: ويتحقق ذلك بإبطاء سرعة الاستجابة البطينية إلى الحد السوي بإعطاء الأدوية المناسبة، وتستخدم هذه الطريقة عندما يكون الرجفان مزمناً.

3- العلاج المضاد للتخثر: وهنا يجب أن يتبع مرضى الرجفان الأذيني جميعاً خطة تمييع دم واضحة ودقيقة، وأن يتناولوا الوارفارين أو الأسبرين، وذلك بحسب نسبة عوامل الخطورة لديهم.

علاج الرجفان الأذيني الاشتدادي:

1- السيطرة على السرعة: تستخدم عادة حاصرات بيتا أو حاصرات الكلسيوم. وإن لحاصرات بيتا والفيرباميل والديلتيازيم الأفضلية على الديجوكسين إذ إنها تضبط السرعة في أثناء الجهد. وقد تكون لها فوائد أخرى في مرضى ارتفاع الضغط الشرياني أو حين وجود مرض قلب بنيوي. ويتم اللجوء إلى الديجوكسين في قصور القلب الاحتقاني.

2- السيطرة على النظم: من المألوف تراجع الرجفان الانتيابي تلقائياً، ويُلجأ إلى إجراء صدمة كهربائية متزامنة حين وجود أعراض عدم استقرار حركي دموي. ويتم قلب النظم دوائياً أو كهربائياً لدى المرضى المستقرين حينما يرافق الرجفان أعراض لا يتحملها المريض، أو عندما تكون نوبة الرجفان الأذيني هي الأولى. ويفضل إجراء الصدمة الكهربائية لأن نسبة نجاحها أعلى من نسبة نجاح الأدوية.

3- الوقاية من النكس: يجب اللجوء إليها في حالة كون الرجفان الانتيابي متكرراً. ويعتمد انتقاء الدواء على الموجودات السريرية المرافقة. ففي غياب آفة قلبية مرافقة يعطى الفليكينايد flecainide أو السوتالول sotalol أو البروبافينون propafenone. وفي حالة قصور القلب يستخدم الدوفيتيلايد dofetilide أو الأميودارون amiodarone. أما في وجود إصابة إكليلية فيعطى السوتالول أو الأميودارون. ويعدّ الأميودارون أفضل الأدوية فعالية في منع تكرار نوب الرجفان الأذيني، غير أن تأثيراته الجانبية تحدّ أحياناً من استعماله.

4- العلاج المضاد للتخثر:

- حين إجراء قلب النظم دوائياً أو بالصدمة الكهربائية يتم اللجوء إلى الخطة نفسها المتبعة في تمييع دم مرضى الرفرفة الأذينية الذين سيخضعون لقلب النظم.

- استخدام الوارفارين (مع الهيبارين في البداية حتى استقرار INR) مدة ثلاثة أسابيع قبل قلب النظم وأربعة أسابيع بعده.

- يستغنى عن استعمال الوارفارين قبل قلب النظم إذا مضى على بدء الرجفان أقل من 48 ساعة، أو عندما لا توجد خثرة في الأذينة بالاعتماد على استخدام الصدى عبر المريء.

ويتم تمييع دم مرضى الرجفان الأذيني الانتيابي دائماً بحسب عوامل الخطورة المرافقة بإعطاء الأسبرين أو الوارفارين. ويعامل هؤلاء المرضى كمعاملة مرضى الرجفان الأذيني الدائم؛ إذ وجدت الدراسات أن خطورة انطلاق صمّات محيطية لديهم مساوية لما هي عليه في مرضى الرجفان الأذيني الدائم.

5- الاجتثاث بالتردد الراديوي radiofrequency ablation: برز علاجاً واعداً لمرضى الرجفان الأذيني الاشتدادي ممن ليس لديهم مرض قلبي بنيوي، حيث توجّه الأمواج إلى فوهة الأوردة الرئوية التي تنبعث منها الضربات الهاجرة المثيرة لنوبة الرجفان الأذيني. إن الاجتثاث عن طريق القثطرة يمنع تكرار النوب في 70% من الحالات.

علاج الرجفان الأذيني المستمر أو الدائم:

1- استعادة النظم الجيبي والمحافظة عليه أو ضبط السرعة.

2- الوقاية من الصمّات المحيطية.

كان يعتقد في السابق أن استعادة النظم دوائياً أو بالصدمة الكهربائية مع المحافظة على النظم الجيبي أفضل من السيطرة على السرعة، ولكن معظم الدراسات بينت:

1- أن نسبة حدوث الصمّات المحيطية متساوية في كل من الطريقتين العلاجيتين، لهذا يجب تمييع دم المرضى على  نحو متساوٍ بحسب عوامل الخطورة المرافقة.

2- هناك إمكان نكس الرجفان الأذيني رغم العلاج بمضادات اللاّنظمية.

3- هناك تأثيرات جانبية للأدوية المضادة للاّنظمية المستخدمة في الحفاظ على النظم وخصوصاً تحريض اللاّنظميات.

ويتم استعادة النظم - أي قلب الرجفان الأذيني إلى نظم جيبي- حين:

- استمرار الأعراض (خفقان، ضيق تنفس، تفاقم أعراض قصور القلب) برغم ضبط السرعة جيداً.

- فقدان القدرة على السيطرة على سرعة القلب جيداً.

- تفضيل المريض قلب النظم وقبوله المضاعفات المحتملة. ويستطب قلب النظم إلى النظم الجيبي عند الشباب، وخصوصاً حينما تكون النوبة هي الأولى. وإن وجود العوامل التالية يجعل نسبة نجاح قلب النظم كبيرة ونسبة النكس قليلة:

1- قطر الأذينة اليسرى أقل من 4.5-5 سم.

2- وجود عوامل مؤهبة للرجفان عكوسة مثل: فرط نشاط الدرق والتهاب التأمور والجراحة القلبية والصمّة الرئوية.

3- عدم وجود فرط ضغط شرياني أو اعتلال عضلة قلبية بفرط الضغط الشرياني.

4- عدم وجود توسع في البطين الأيسر أو قصور قلب.

ويجعل كل من العوامل التالية نسبة نجاح قلب النظم قليلة؛ والنكس أعلى:

1- امتداد فترة الرجفان الأذيني أكثر من سنة.

2- زيادة أبعاد الأذينة اليسرى < 4.5-5 سم.

3- الرجفان الأذيني النوبي الذي يستمر فترات قصيرة إذ يزول عادة تلقائياً، وغالباً ما ينكس.

4- قد تكون المحافظة على النظم الجيبي صعبة في وجود قصور قلب غير مسيطر عليه، أو فرط نشاط درق، أو آفة رئوية سادّة مزمنة.

استعادة النظم الجيبي:

تتم إما بالصدمة الكهربائية وإما دوائياً. إن الصدمة الكهربائية ناجحة في 75% من المرضى، ولكن تبلغ نسبة النكس 20-50% بعد شهر و70-90% بعد سنة. ويمكن استعادة النظم الجيبي دوائياً بتسريب الفليكانيد أو الأميودارون.

ضبط السرعة:

إن لم يكن ممكناً استعادة النظم الجيبي، يوجَّه العلاج نحو ضبط سرعة القلب بإعطاء الديجوكسين أو حاصرات بيتا أو الفيرباميل أو الديلتيازيم؛ إذ يمكن لهذه الأدوية أن تنقص سرعة القلب بزيادة درجة الحصار البطيني الأذيني. وإن لحاصرات بيتا والفيرباميل والديلتيازيم أفضلية على الديجوكسين؛ لأنها تضبط السرعة في أثناء الجهد، وقد تكون ذات فوائد أخرى في مرضى ارتفاع الضغط الشرياني أو بوجود مرض قلب بنيوي.

الوقاية من الانصمام الخثري في الرجفان الأذيني:

إن غياب تقلص الأذينة اليسرى وتوسعها يحدث فيها ركودة دموية؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تشكل خثرات فيها، وهذا يؤهب للنشبات الدماغية والأشكال الأخرى من الصمّات الجهازية. وتبلغ نسبة خطورة هذه الأحداث الصميّة في مرضى الرجفان الأذيني الدائم نحو 5% سنوياً.

وقد أظهرت الدراسات العشوائية الكبيرة أن العلاج بالوارفارين مع INR (2-3) ينقص خطر الانصمام نحو الثلثين مع زيادة خطر النزف حتى قرابة 1-1.5% سنوياً، في حين تنقص المعالجة بالأسبرين خطر الانصمام إلى نسبة الخمس تقريباً.

ويفيد تقييم حالة المريض بدقة في تحديد الفائدة المرجوة من العلاج المضاد للخثار. ويتم إجراء هذا التقييم سريرياً أو عن طريق الصدى القلبي لتحري عوامل الخطورة المؤدية إلى حدوث صمة خثرية. ويعدّ معيار CHADS أفضل المعايير السريرية المعتمدة لتقدير درجة خطورة الانصمام المحيطي لدى مرضى الرجفان الأذيني، وفيه يعطى المريض نقطة أو نقطتين أو صفراً، وذلك بحسب الأمراض المصاب بها:

المرض

النقاط

( C) قصور القلب الاحتقاني

1

( H) فرط الضغط الشرياني

1

( A) العمر > 75 سنة

1

( D) الداء السكري

1

( S) حادثة صميّة جهازية

2

فإذا كان مجموع ما حصل عليه المريض على معيار CHADS يساوي صفراً؛ فالعلاج هو الأسبرين 325 ملغ.

وإذا حصل على نقطة واحدة، فالعلاج هو إما الأسبرين وإما الوارفارين، وذلك بحسب تفضيل المريض والوعي السريري اللازم لمراقبة التمييع على نحو دقيق.

أما إذا حصل المريض على نقطتين، فالعلاج هو الوارفارين مع ضبط قيمة INR  (2-3).

شارك المقالة:
60 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook