إنّ حدّ توبة القاذف هو أن يُكذّب القاذف نفسهُ حتى إذا كان هو صادقاً ويروي في الباطن، ويقال إنه يكذبها إن كان كاذباً، ويُخطئها في الملأ إذا كان صادقاً.
القول الأول: أن توبته لا تكون إلّا بأن يكذّب نفسه في ذلك القذف الذي حدّ فيه وهذا كان قول جماعة من السلف ومنهم عمر رضي الله عنه وبه قال الشافعي وأحمد.
القول الثاني: إنّ في توبته أن يُصلح ويُحسن من حالهِ وحسبه الاستغفار، وإن لا يكذب نفسه في ذلك. وهذا كان قول جماعة ومنهم مالك رحمه الله وقد فسر ابن القيم رحمه الله في ذلك، من القولين واختار القول الأول ودلّ عليه، الصحيح من القولين: أن توبة القاذف؛ اكذابُ نفسه، لأنهُ عكسُ الذنب الذي ارتكبه وهتك عرض المسلم المحصن، فلا تحصل التوبة منه إلا بتكذيب نفسه، لينفي عن المقذوف العار الذي ألحقه به بالقذف وهو مقصود التوبة.