يسنّ للمصلي المنفرد رفع الأذان، وكذلك تسنّ في حقه الإقامة للصلاة، والأذان والإقامة لا يعدّان من الأمور الواجبة في حقّه، وإنّما من السنن؛ نظراً إلى أنّ الأذان من ذكر الله سبحانه، ومن صور تعظيمه وإجلاله، كما أنّ فيه دعوةٌ للنفس إلى الفلاح والصلاة، ولذلك كانت الإقامة سنةً، والدليل على ما سبق ما رُوي من قول عقبة بن عامر رضي الله عنه: (يعجَبُ ربُّكَ مِن راعي غَنَمٍ في رأسِ الشَّظيَّةِ للجَبلِ يُؤذِّنُ للصَّلاةِ ويُصلِّي فيقولُ اللهُ: انظُروا إلى عبدي هذا يُؤذِّنُ ويُقيمُ للصَّلاةِ يخافُ منِّي قد غفَرْتُ لعبدي وأدخَلْتُه الجنَّةَ).
لا يجوز للمصلّي أن ينفرد في الصلاة لوحده بحضور صلاة الجماعة؛ وذلك لأنّ صلاة الجماعة من السنن المؤكدة، كما ذهب البعض من الفقهاء إلى القول بأنّها واجبةٌ وجوباً عينياً، ومنهم: عطاء، والأوزاعي، وابن خريمة، وابن المنذر، وابن حبان، والظاهرية، وذهب البعض ممّن قال بالوجوب العين إلى جعل صلاة الجماعة شرطاً للصلاة، وفي المقابل قال بعض فقهاء الشافعية والمالكية بأنّها واجبةٌ على الكفاية، ومن الأسباب التي لا تجيز للمسلم صلاته منفرداً بحضور الجماعة قول بعض الفقهاء ببطلان صلاته، ولذلك فالأولى القول بعدم جواز الصلاة للمنفرد بحضور الجماعة، كما أنّ ترك صلاة الجماعة فيه مخالفةٌ للمقصود منها، وعدم الالتزام بالصف المسلم، بما فيه من التواضع لله سبحانه، ولخلقه، وغير ذلك من المقاصد.
لا تصحّ صلاة الواقف في صفٍ لوحده خلف الجماعة، وذلك لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا صلاةَ لفردٍ خلْفَ الصَّفِّ وحدَه)، كما أمر الرسول بإعادة الصلاة لمن صلّى خلف الصف منفرداً، وعلى المنفرد أن يدخل في الصف، سواءً وجد فرجةً فيه أم لا.
موسوعة موضوع