اختلفت آراء الفقهاء في مسألة حلّ وتحريم أكل لحم الضباع، وتعلّّق كل من أصحاب الرأيين بأدلة، وبيان المسألة فيما يأتي:
ذهب جماعة من الفقهاء إلى حلّ وإباحة أكل لحم الضباع، وقد رواه عددٌ من المُحدّثين عن علي وابن عبّاس وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم-، وذهب إليه أكثر من واحدٍ عند الحنفية، وهو مذهب السادة الشافعية والحنابلة وغيرهم، ومستندهم في الحكم بالإباحة حديث جابر -رضي الله عنه- وهو يجيب من سأله عن حكم أكلها: (الضبعُ أصيدٌ هيَ؟ قال: نعم، قال قلت: آكُلُها؟ قال: نعم، قال قلت: أقالهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم)، ولم يقف العلماء على أثرٍ يثبت أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أكل من لحم الضبع، وإنّما جاء عن عكرمة -رضي الله عنه- أنّه رأى لحم الضبع على مائدة عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، وجاء عن الإمام الشافعي -رحمه الله- في معرض الاستدلال على جوازه أنّ لحم الضباع كان يُباع ويشترى بين الصفا والمروة في مكة المكرمة.
ذهب السادة الحنفية إلى القول بحرمة أكل لحم الضباع، ومستندهم في ذلك الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: (نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أكلِ كلِّ ذي نابٍ من السَّبعِ)، وكما استدلّوا بحديث خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن أكلِ الضَّبُعِ فقالَ أوَ يأكلُ الضَّبُعَ أحَدٌ؟! وسألتُهُ عنِ الذِّئبِ فقالَ: أويأكلُ الذِّئبَ أحدٌ فيهِ خيرٌ؟!)
ردّ العلماء الذين أجازوا أكل لحم الضبع الأحاديث التي استدلّ بها الفريق الآخر على تحريم لحم الضبع؛ فقالوا:
حرّم الإسلام من المطعومات كلّ ما فيه ضررٌ للجسم أو العقل، كما حرّم كلّ خبيث لنجاسته أو لقذارته، والحيوانات التي حرّمتها الشريعة الإسلامية هي: الخنزير، والحمر الأهلية، والبغال، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، أمّا ما عداها من الأطعمة فإنّها تبقى على أصل الإباحة، ولا يكون حراماً إلا ما جاء النصّ على تحريمه من الأصناف سابقة الذكر
موسوعة موضوع