يجب على المسلم إذا أصابته جنابةً وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء، فإن عجز عن استخدام الماء إمّا لفقدانه أو لكون استعماله يُسبّب ضرراً له، أو للبرودة الشديدة مع عدم وجود ما يُمكّنه أن يسخن الماء به، فإنّه يعدل حينها عن الاغتسال بالماء إلى التيمّم بالتراب، فقد دلّت آيات القرآن الكريم على جواز التيمّم لمن خشي أن يُؤدّي اغتساله بالماء إلى موته أو زيادة مرضٍ عنده أو تأخر شفائه منه، وقد أخبر الإمام ابن حجر -رحمه الله- عن جواز التيمّم لمن خشي على نفسه الهلاك إذا استخدم الماء للاغتسال بسبب البرد أو غيره، فيظهر من ذلك أنّه إن كان بإمكان المسلم أن يجد ماءً دافئاً أو يُسخّن ما لديه منه أو يشتري ماءً ساخناً من جيرانه أو غيرهم، فالواجب عليه فعل ذلك، وإلّا فهو معذورٌ بالتيمّم في حال البرد الشديد الذي يترتب عليه خطراً باستخدامه.
لا يجوز للمسلم أن يتيمّم مع وجود الماء وهو قادرٌ على استخدامه، بل الواجب عليه أن يستخدمه للوضوء والاغتسال من الجنابة، ولا يُعذر بتركه والاكتفاء بالتيمّم، ولو تيمّم مع وجود الماء فصلّى، لم تصحّ صلاته؛ لأنّ شرط الطهارة فيها مفقودٌ، أي الطهارة بالماء عند القدرة على ذلك، فيظهر من ذلك أن التيمّم مع وجود الماء تساهلٌ كبيرٌ وفعلٌ قبيحٌ، لا يجوز من المسلم لكونه مُخالفٌ للأدلة الشرعيّة.
من الأعذار التي تُبيح للمسلم اللجوء إلى التيمّم الخوف من حدوث المرض، وهذا ما أشار إليه الإمام الشربيني حين قال: إذا كان به مرضٌ يسيرٌ أو لم يكن به مرضٌ، ولكنّه خشي حدوث مرض إذا استعمل الماء جاز له أن يتيمّم، وبناءً على ذلك يجوز للمسلم إذا كان مريضاً أو خاف من حدوث المرض أن يتيمّم أخذاً برخصة الله لعباده، وإذا كان قادراً على غسل بعض أعضائه من غير ضررٍ لزمه أن يغسل ما يقدر على غسله، ثمّ يتيمّم للباقي.
موسوعة موضوع