وضع الإسلام حلولاً ناجعةً لجميع المشاكل التي ربما تعترض حياة المسلمين بشكلٍ خاصٍ، والعالم عموماً، وذلك في جميع المسائل التي تمرُّ على الفرد أو الجماعة، حيث إنّ الزواج من الأمور الهامة التي ترتبط بحياة المسلم ومسيرته وسعادته وهنائه، فقد حرص الإسلام على ضمان استدامة العلاقة الزوجية بالرحمة والمودة والمعاشرة الحسنة، وقد أباح الإسلام جميع ما يضمن ذلك، وأوجب على الأزواج حقوقاً تجاه زوجاتهم، وعلى الزوجات حقوقاً يجب أن يقدمنها لأزواجهن، فإن التزم الزوجان بحقوقهما وواجباتهما استمرت حياتهما هانئةً مستقرةً، أمّا إن اختلّت تلك االحقوق والواجبات فسيُعاني الزوجان أيّما معاناةً؛ وذلك لمخالفتهما أمر الله تعالى، وأمر رسوله، ويثبت ذلك قول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فإن وصل الزوجان إلى طريقٍ مسدودٍ أباح الإسلام لهما الطلاق ضمن شروطٍ وقيودٍ وألفاظٍ مخصوصةٍ، وربما اضطر بعض الأزواج إلى تهديد زوجاتهم إن رأوا منهنّ مخالفةً شرعيةً أو زوجيةً، وممّا يقع به التهديد والوعيد لهنّ الحلف بتطليقهن، فما حكم الحلف بالطلاق، وما المقصود به، وما هي آثاره وأبعاده الشرعية؟
يراد بالحلف بالطلاق: تعليق الطلاق على نحوٍ يُفيد منع القيام بالفعل، أو الحمل على الفعل، وقد يبعث على التصديق، وله صورتان بحسب الصيغة، بيانهما فيما يأتي:
تدور أقوال الفقهاء في حكم الحلف بالطلاق بين الكراهة والتحريم؛ فقد ذهب فقهاء الحنابلة إلى أنّ الحلف بذوات المخلوقات؛ كالآباء، والأجداد أمرٌ محرّمٌ شرعاً، أمّا بالنسبة للحلف بالطلاق والعتاق؛ فهو أمرٌ مكروهٌ، وذهب فقهاء الشافعية أيضاً إلى القول بكراهته، أمّا الإمام ابن حزم الظاهري فذهب إلى القول بحرمة الحلف بالطلاق، وأنّ اليمين بالطلاق لا يُلزم بها، سواءً أكان الشخص بارّاً بيمينه أم حانثاً بها، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، إلى القول بمشروعية الحلف بالطلاق؛ وذلك لأنّه قسّم الأيمان التي يحلف بها الناس إلى قسمين؛ أيمان المسلمين، وأيمان أهل الشرك، واعتبر الحلف بالطلاق وبالعتاق من أيمان المسلمين، أمّا بالنسبة لوقوع الطلاق المعلّق عند وجود المعلّق عليه؛ فذهب الفقهاء إلى ثلاثة أقوال، وهي:
موسوعة موضوع