تُعرَّف العادة السريّة، أو الاستمناء ب: تعمُّد إنزال المَني بشهوةٍ من غير مباشرة الزوجة؛ سواء كان ذلك باستخدام اليَد، أو أيّ شيءٍ آخر من الجمادات، وقد اختلف أهل العلم في حُكم العادة السريّة، وبيان ما ذهب إليه كلٌّ منهم فيما يأتي:
قال الشافعيّة بوجوب الاغتسال عند الاستمناء، حتى وإن لم يخرج المَني عن لذّةٍ ودَفْقٍ، وذهب كلٌّ من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى القول بعدم وجوب الاغتسال إلّا في حال خروج المَني عن لذّةٍ ودَفْقٍ، وهو ما عليه جمهور الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد قال جمهور أهل العلم من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة إنّ مُجرّد الشعور بانتقال المَني، وعدم خروجه، وعدم العِلم بخروجه بعد ذلك، لا يُوجِب الاغتسال؛ لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- علّق الاغتسال على الرؤية، وذهب الإمام أحمد -رحمه الله- إلى وجوب الاغتسال حتى في حالة عدم رؤية المَني؛ لأنّه لا يُتصوَّر رجوع المَني، كما أنّ الجنابة في حقيقتها انتقالٌ للمَني عن مكانه، وقد وقع ذلك، بالإضافة إلى أنّ وقوع الشهوة يُؤخَذ بعَين الاعتبار لوجوب الاغتسال، وعند انتقال المَني تحدث الشهوة، حتى وإن لم يظهر، فإن سكنت الشهوة، ثمّ نزل المَني فيما بعد، وَجَب الاغتسال.
بيّن أهل العلم أثر العادة السرّية في الصيام؛ فذهب فقهاء الحنفيّة إلى أنّ الاستمناء بالمُباشرة يُبطل الصيام، وكذلك قال المالكيّة؛ إذ ذهبوا إلى أنّ إخراج المَني بالاستمناء، أو باستدامة النَّظر، أو التفكير، يُبطل الصيام، ويُوجِب القضاء والكفّارة، وبيَّنَ الشافعيّة أنّ تعمُّد إنزال المَني كما هو الحاصل في العادة السرّية، أو الاستمناء بِيَد الزوجة؛ سواء بحائلٍ، أو دون حائل، يُبطِل الصيام، وذهب فقهاء الحنابلة إلى أنّ الاستمناء يُبطل الصيام للرجل والمرأة على حَدٍّ سواءٍ، ويُوجِب القضاء، أمّا التقبيل والمباشرة دون الإنزال، فجائزٌ، إلّا أنّ التَّرك أفضل؛ احتياطاً، وخاصّة لِمَن لا يستطيع التحكُّم في نفسه؛ لِما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِه).
اختلف أهل العلم في أثر العادة السرّية في الحجّ والعمرة؛ فذهب فقهاء الشافعيّة، والحنابلة، والحنفيّة إلى أنّ العادة السرّية لا تُبطِل الحجّ، إلّا أنّها تُوجِب الفِدية؛ قياساً على المُباشرة فيما دون الإيلاج من حيث التحريم والتعزير، أمّا المالكيّة فقالوا إنّ العادة السرّية من محظورات الحجّ، وهي تُبطله، ويجب على من استمنى باليَد، أو بالنَّظر، أو بمُجرَّد التفكير قضاءُ حجّه، والفِدية؛ سواء كان مُدرِكاً، أو ناسياً.
موسوعة موضوع