يجوزُ لأهل الميت أن يضعوا شاهداً على قبر الميت المسلم ليكون دليلاً عليه، على أن لا يتجاوزَ هذا الشاهد مقدارَ شبرٍ، أمّا ما زاد عن الشبر فقد اختلف فيه العلماء بحسب نوع المقبرة، فاتفق أصحاب المذاهب الأربعة على حرمة البناء على القبر الذي يكون في مقبرة مسبّلة، أي موقوفة لجماعة من المسلمين، أو طائفة منهم، إلا إذا استدعت الضرورة وضعَ بناء، بسبب الخوف من سرقة القبر، أو نبش الحيوانات له، وقد حرم العلماء البناء على القبر، لأنّه يضيق على المسلمين في قبورهم، بحيث لا يتمكنوا من دفن أموات آخرين في نفس مكان القبر بعد أن يبلي جسد الميت، أمّا إذا كان هناك خوف على قبر الميت من السرقة، أو النّبش فقد أجاز بعض العلماء ومنهم الشافعية البناءَ عليه، حتى لو كان في مقبرة مسبلة، أمّا القبور التي تكون في أماكنَ غير موقوفة لعامّة المسلمين، مثل التي تكون في ملك الميت فذهب جمهور الفقهاء إلى القول بكراهة البناء عليها، واستثنى عدد من العلماء قبورَ الصالحين، والأولياء التي تكون في أماكنَ غيرِ مسبّلة،وقد ذهب عدد من العلماء إلى تحريم البناء على القبر مطلقاً، استناداً إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي جاء فيه: (نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يُجصَّصَ القبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنى عليه).
أجمع علماءُ الأمة على تحريم بناء المساجد على القبورعملاً بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وامتثالاً لنهيه عن ذلك، فبناء المساجد على القبور من سنن الأقوام الضّالة، ومن شأن بنائها مشابهتَهم في
ضلالهم، وفي الحديث: (لعَن اللهُ اليهودَ والنصارَى. اتخَذوا قُبورَ أنبيائِهم مساجدَ).
أمّا الكتابة على القبور فقد اختلف فيها علماء الأمة، فذهب جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى القول بكراهة الكتابة مطلقاً، بينما أجاز الحنفية الكتابةَ خوفاً من ضياع أثر القبر، وقد فصّل العلامة ابن عثيمين في مسألة الكتابة على القبور، فأجاز الكتابة التي يقصد منها التعريفُ بصاحب القبر واسمه، بينما حرّم الكتابة التي تضاهي عمل الجاهلية الأولى، حيث تُكتَب على القبر عباراتُ المديح، والثناء على الميت، وهذا ممّا لا يجوز.
موسوعة موضوع
العربية
