نظَّم الإسلام علاقة البشر مع سائر المخلوقات من الحيوانات والحشرات، فوضع أحكاماً يَنبغي الأخذ بها وقت الحاجة، وممّا أشارت له الشريعة الإسلامية حرمة بيع وشراء بعض الحيوانات أو شيء منها أو حتى مُجرّد الانتفاع بها، بينما أباحت الشرعية التعامل مع أصناف أخرى من الحيوانات على الإطلاق، وخصّصت الحُكم لبعض الحيوانات؛ إذ لا يجوز بيعها وشراؤها أو الانتفاع بها إلا لحاجةٍ مشروعة، فهل تدخل الكلاب ضمن تلك الحيوانات التي حرَّم الإسلام بيعها والانتفاع بها، أم هل يجوز شرعاً تربية الكلاب أو اقتنائها أو الإتجار بها ولو حَتّى دون حاجةٍ لذلك؟
لا ينحصر حكم بيع الكلام على مُجرّد التعامل المالي بها فقط، إنما تندرج تحته العَديد من الجزئيات؛ فجوازُ بيع الكلاب رُبّما يعني بالنتيجة جواز اقتنائها والتّعامل بها واتخاذها لحاجات الناس وتأمين ما يُمكّنهم من الانتفاع بها، وحُرمة بيع الكلاب كذلك ربّما تَعني حرمة التعامل بها في جميع النواحي الأخرى كاستغلالها للحراسة والصيد والانتفاع بشيءٍ منها كجلدها وشعرها، إلى غير ذلك، وقد اختلف الفقهاء بناءً على ذلك في حكم التعامل المالي بالكلاب من خلال جواز أو حرمة شرائها وبيعها واقتنائها واتخاذها للحراسة، وبيان أقوال كلِّ فريقٍ منهم وأدلته في مسألة تعامل المسلمين ببيع الكلاب وشرائها كالآتي:
انقسَم الفُقهاء في مسألة جواز أو حُرمة بيع الكلام إلى ثلاثة فرق ومذاهب، وبيان أقوال وأدلة كل فريقٍ كالآتي:
سبقت الإشارة إلى أنّ جواز أو حرمة بيع الكلاب تندرج تحتها مسألةٌ بالغة الأهمية بخصوص جواز اقتنائه أو حرمة ذلك حسب ما ذهب إليه العلماء، والذي عليه قول الفقهاء أنّه لا يجوز اقتناء الكلاب إلاّ لحاجةٍ مُلحّةٍ ضروريّة، وقد حدّدوا تلك الحاجات التي تُجيز اقتناء الكلاب بالآتي:
ودليل عدم جواز اقتناء الكلاب إلا لهذه الأسباب الثلاثة ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( مَنِ اتَّخَذ كلبًا، إلا كلبَ ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ، انتَقَص من أجرِه كلَّ يومٍ قِيراط).
إنّ اتّخاذ الكلاب لحراسة البيوت وحمايتها من اللصوص مُختلفٌ فيه بين العلماء؛ حيث يرى الإمام ابن قدامة المقدسي صاحب كتاب المغني إنّ ذلك لا يجوز مع احتمال كونه مُباحاً، وأجازه آخرون قياساً على جواز تربية الكلاب من أجل حراسة المواشي والزروع، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الحاجة إلى تربية الكلاب واستخدامها التي أجيزت لأجلها إن زالت يزول معها الجواز كما يرى علماء الشافعية، ويُعاد حينها إلى الحكم الرئيسي لاقتناء الكلاب واستغلالها، والذي هو مختلفٌ فيه على ما مرَّ تفصيله وبيانه سابقاً
موسوعة موضوع