يُعبّر بعض الناس عن احترام الكبير في القَدر أو العمر بعدّة مظاهر وأشكال وصور، ومن تِلك المظاهر ما تعارف عليه الناس من التحبُّب للكبير، وإظهار احترامهم له من خلال تقبيل يده، أو رأسه، أو كتفه، ولأنّ الإسلام لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلّا وجعل لها حُكماً، فقد تطرّق الفُقهاء إلى حُكم تقبيل يد الكبير بقصد إظهار الاحترام والتّقدير له، فمع أنَّ الإسلام أجاز بل وحبّب إظهار الاحترام للكبير وتوقيره وتكريمه بشتّى المظاهر والصُّور، إلا أنّ مسألة تقبيل اليد ربّما تحتاج دراسةً وتحليلاً زائداً؛ لِما فيها من فِعل ما لم يرِد به نصٌّ شرعيّ، فهل أباح الإسلام تقبيل يد الكبير أو غيره بقصد إظهار الاحترام، أم أنّ ذلك ممّا نهى عنه الإسلام، وما هو التصوُّر الإسلاميّ لذلك الفعل؟ ذلك ما سيكون محور بحث هذه المقالة.
كان تقبيل اليد من الأفعال التي يقوم بها الناس إظهاراً لاحترامهم لشخصٍ عظيم، أو شيخٍ جليل، أو والدٍ أو والده، وقد كان أصحاب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُقبّلون يد النبيّ ويواظبون على ذلك؛ حيث يروي أسامة بن شريك -رضي الله عنه- قال: (قُمنا إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- فقبَّلنا يدَه)، كما ثبت أنّه (لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الشَّامَ، اسْتَقْبَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَبَّلَ يَدَهُ، ثُمَّ خَلَوْا يَبْكِيَانِ، قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ تَمِيمٌ: تَقْبِيلُ الْيَدِ سُنَّةٌ)، أمّا حُكم تقبيل اليد شرعاً فبيانه فيما يأتي:
دعت الشّريعة الإسلاميّة إلى احترام الكبير، وإحسان مُعاملته، والاهتمام به، وتوقيره، بل أمرت بذلك من خلال الكثير من الأفعال التي ينبغي القيام به تِبياناً لذلك، وقد أشاد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمن يحترم الكبير ويُوقّره، حيث رُوي أنّه -صلّى الله عليه وسلّم- قد قال: (ليس منّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صغيرَنا، ويوَقِّرْ كبيرَنا ويأمُرْ بالمعروفِ، وينْهَ عنِ المُنكَرِ)، أمّا كيفيّة إظهار توقير الكبير، واحترامه، وإجلاله فتظهر عن طريق القيام بالكثير من الأعمال التي أرشد إليها الإسلام ودعا لها، ومن تلك الأعمال ما يأتي:
موسوعة موضوع