ما حكم تناول حبوب منع الحمل في رمضان

الكاتب: مروى قويدر -
ما حكم تناول حبوب منع الحمل في رمضان

ما حكم تناول حبوب منع الحمل في رمضان.

 

 

يُعَدّ صيام شهر رمضان فرضاً على كلّ مُسلمٍ، ورُكنٌ من أركان الإسلام الخَمس، كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، ويُحرَّم على المسلم الإفطار دون عُذرٍ، ويجب في أعذارٍ أخرى، كالحيض، والنفاس؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ قُلْنَ: بَلَى، قالَ: فَذَلِكِ مِن نُقْصَانِ دِينِهَا)، فلا يصحّ الصيام من الحائض أو النفساء، ويجب عليهما الفِطْر، ثمّ القضاء، ويُعرَّف الحيض بأنّه: الدم الخارج من الرَّحِم في أوقاتٍ مُحدَّدةٍ معلومةٍ، وهو يدلّ على بلوغ الأنثى، أمّا النفاس، فهو: الدم الخارج من المرأة بسبب الولادة؛ إمّا قبلها بزمنٍ يسيرٍ، أو خلالها، أو بعدها.

 

حُكم تناول حبوب مَنْع الحَمْل في رمضان..

 

يُراد بمَنْع الحَمْل: اللجوء إلى الطُّرق والوسائل التي تمنع وتحوُل بين المرأة والحَمْل، ومنها: العَزْل، والامتناع عن الجِماع وقت الإخصاب، وتناول بعض العقاقير المانعة من الحَمْل، وغيرها.

 

حُكم تناول حبوب مَنْع الحَمْل

 

النَّسل نِعمةٌ من نِعَم الله -تعالى- على الإنسان، وقد حَثّ الإسلام على التناسُل والتكاثُر؛ ولذلك يَحرم مَنْع الحَمْل خوفاً من الفقر، قال -تعالى-: (وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا)، كما يحرم على المسلم استئصال القدرة على الإنجاب؛ سواء عند الرجل، أو المرأة، إلّا إن تحقّق ضرر مُؤكَّد بسبب الإنجاب، مع إباحة تناول حبوب مَنْع الحَمْل لضررٍ ما، بموافقة الزوج إن كانت الزوجة لا تستطيع الحمل والولادة كلّ سنةٍ، على أن يكون المَنْع بوسيلةٍ مشروعةٍ لا يلحق بالزوجة أيّ ضررٍ بسببها، وأن يكون بقرار طبيبٍ موثوق، ومن الأحوال التي يجوز للمرأة أن تتناول حبوب مَنْع الحمل فيها: تناوُلها لمدّة سنتَين لإتمام رضاعة ولدها؛ وبذلك فالإسلام يُجيز مَنْع الحَمْل في ظروفٍ وأحوالٍ خاصّةٍ؛ إذ يُباح إن كان الرجل كثير الأولاد، أو كانت المرأة ضعيفةً، أو كان الرجل فقيراً لا يستطيع إعالة أُسرته، أو لا يستطيع تربية أبنائه.

 

حُكم تناول حبوب مَنْع الحَمْل بقَصد تأخير الحيض في رمضان

 

تتعدّد الأمور التي يتمّ تناول حبوب مَنع الحيض لتحقيقها، ومنها: المحافظة على صحّة الطفل أو الأمّ، أو تنظيم الحَمْل، أو بقصد إتمام مناسك الحَجّ أو العُمرة، أو بقَصْد تحقُّق الحيض؛ فإن كان بهدف نزول دم الحيض في رمضان؛ للإفطار فيه، فلا يجوز تناول تلك الحبوب؛ إذ إنّ في ذلك تحايُلٌ على أحكام الشريعة، أمّا حُكم تناول المرأة حبوبَ مَنْع الحيض في رمضان، فقد اختلف العلماء في ذلك، وذهبوا إلى قولَين، بيانهما آتياً:

  • القول الأوّل: يجوز تناول حبوب مَنْع الحيض في رمضان، بشرط عدم لحوق أيّ أذى، أو ضررٍ بالمرأة بسبب ذلك؛ سواء في شهر رمضان، أو غيره من الأزمان، وقد قال بذلك ابن باز، واللجنة الدائمة للإفتاء، ودائرة الإفتاء في الكويت، وبناءً على ما سبق، يجوز للمرأة تناول حبوب تأخير الحيض في شهر رمضان، على ألّا يترتّب أيّ ضررٍ على ذلك؛ لِما فيه من مصلحةٍ للمرأة من الصيام مع الناس، وعدم الإفطار ثمّ القضاء، كما صرّح بذلك الإمام ابن باز -رحمه الله-، ويُضاف إلى شرط عدم ترتُّب أيّ ضررٍ على المرأة، أن يتمّ تناولها بإذن الزوج إن ارتبط الحيض بأيّ أمرٍ يخصّه، ومثال ذلك المرأة التي تعتدّ بالحَيض، فإنّه لا يحقّ لها تناول ذلك الدواء إلّا بإذن الزوج؛ فهي لو تناولته، لاستمرّت العدّة مدّة طويلة، مما يُرتّب على الزوج بذلك السكن، والنفقة مدّة أطول.
  • القول الثاني: يُكرَه للمرأة تناول حبوب تأخير الحيض في رمضان؛ لتصوم مع المسلمين، وقد صرّح بذلك الأستاذ ديبان الديبان؛ إذ إنّ الحيض أمرٌ كتبه الله -تعالى- على المرأة، وعليها أن ترضى به، كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (خَرَجْنَا لا نَرَى إلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، قالَ: ما لَكِ أنُفِسْتِ؟. قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: إنَّ هذا أمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي ما يَقْضِي الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ قالَتْ: وضَحَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن نِسَائِهِ بالبَقَرِ)، كما أنّ تلك الحبوب قد تُؤثّر في الحيض في المستقبل، وحال الامتناع عنها بعد مُضِيّ رمضان، ومن القائلين بالكراهة الإمام ابن رشد -رحمه الله-، إذ كَرِه ذلك؛ خوفاً من التسبُّب بأيّ ضررٍ للمرأة، وإن تناولتها، وانقطع الحَيض، وصامت، فصيامها صحيحٌ، كما بيّنت ذلك دائرة الإفتاء الأردنيّة، مع جواز تناول تلك الحبوب في الحَجّ؛ لأنّه من العبادات التي تُؤدّى مرّةَ واحدةً في العُمر، والحَيض يمنعها من الطواف الذي يُعدّ رُكناً من أركان الحَجّ، ولا يمكن إجزاؤه بأيّ طريقةٍ أخرى، أمّا الإفطار في رمضان بسبب الحَيض، فيمكن قضاؤه، كما أنّه يتكرّر كلّ عامٍ، وتجدر الإشارة إلى أنّ المرأة الحائض تنال الأجر إن أفطرت في شهر رمضان بسبب عُذرٍ شرعيٍّ؛ إذ إنّها بفِطْرها تستجيب لأمر الله -تعالى-، وما قدَّرَه عليها.
شارك المقالة:
72 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook