ما حكم صيام الجنب

الكاتب: مروى قويدر -
ما حكم صيام الجنب

ما حكم صيام الجنب.

 

 

الجنابة:

 

الجنابة مصدرٌ يُطلَق على المُذكّر والمُؤنّث، إضافةً إلى المُفرد، والمُثنى، والجمع، وتُعرَّف الجنابة في اللغة والشرع على النحو الآتي:

  • الجنابة لغةً: تُعرَّف بأنّها البُعد؛ فهي تُناقض القُرب، أو القرابة، كما أنّها تُعرَّف ب: مجانبة الشيء، واجتنابه، يُقال: فلان جُنُبٌ؛ بسبب النّهي عن القُرب من أماكن الصلاة إلّا إن تطهّر؛ أي أنّه أجنب وتنحّى عنها، كما قِيل: لاجتنابه الناس إلّا بعد التطهُّر.
  • الجنابة شرعاً: يُعرّفها النووّي بأنّها: صفةٌ تُطلَق على الشخص الذي أنزل المَني، وكذلك على مَن جامع، وعليه فقد سُمِّي جُنُباً؛ كونه يتجنّب الصلاة، والمسجد، وقراءة القرآن الكريم، ويبتعد عنها، في حين تُعرَّف الجنابة في نهاية المحتاج بأنّها: حَدَثٌ معنويٌّ يُصيب البَدَن، وعليه فلا تصحّ الصلاة.

 

حُكم صيام الجُنب:

 

اتّفقت مذاهب الأئمّة الأربعة في المُطلَق على صحّة صيام الجُنُب؛ اعتماداً في ذلك على عددٍ من الأدلّة من القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة، وهي:

  • قول الله -سبحانه وتعالى-: (...فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ...)، حيث جاءت الإشارة في الآية الكريمة إلى صحّة صيام الجُنب؛ فقد دلّت على جواز الجِماع ليلاً وإباحته، وذلك حتى طلوع الفجر؛ إذ إنّ جواز الجِماع حتى الفجر يتطلّب طلوع الفجر على المُجامِع وهو على جنابةٍ.
  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عائشة وأمّ سلمة -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ)، فقد بيّن الحديث النبويّ أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُجامع زوجاته في شهر رمضان المبارك ليلاً، ويتأخّر في غُسله إلى ما بعد طلوع الفجر، وقد كان ذلك بعد جِماعٍ، ولم يكن بعد احتلامٍ، وممّا يُؤيّد ذلك أيضاً ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي).


وبالاعتماد على ما سبق من الأدلّة، فإنّ الطهارة من الجنابة ليست شرطاً من شروط صحّة الصيام، وتشمل صحّة الصيام أيضاً مَن أصبح على جنابةٍ بسبب الاحتلام، ولا يُوجَد ما يمنع تأخير الاغتسال حتى طلوع الفجر، ويُقاس على ما سَبَق جواز صيام المرأة إن انتهى حيضها قبل طلوع الفجر، واغتسلت بعد طلوع الفجر؛ إذ إنّ الحيض يُشبه الجنابة، فلا مانع من النيّة والصيام.


بينما تجدر الإشارة إلى أنّ العلماء اتّفقوا على أنّ الصيام يفسد إن كانت الجنابة بسبب الجِماع تعمُّداً في نهار رمضان، وعليه يجب القضاء، إضافةً إلى الكفّارة، ويفسد الصيام بسبب الجنابة أيضاً بتعمُّد المُباشرة بما دون الفَرْج، كاللمس بشهوةٍ، أو القُبلات، أو الاستمناء، ويترتّب القضاء دون الكفّارة عند المذهب الحنفيّ، والمذهب الشافعيّ، والمذهب الحنبليّ، إلّا أنّ القول المعتمد عند المذهب المالكيّ يدلّ على وجوب الجَمْع بين الكفّارة والقضاء، وذلك يشمل الرجل والمرأة على حَدٍّ سواءٍ، وإن كانت الجنابة بسبب النَّظر، أو التفكير، فإنّها لا تُفسِد الصيام عند الشافعيّة، والحنفيّة، والحنابلة؛ وقد استدلّوا بِقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا وسْوَسَتْ، أوْ حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ به أوْ تَكَلَّمْ)، أمّا المالكيّة فقالوا بوجوب القضاء والكفّارة على مَن أصابته الجنابة؛ بسبب دوام النظر والفِكْر.

شارك المقالة:
68 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook