ورد في تحديد عورة الرجل في الإسلام إجماع العلماء على أنّها من السّرة إلى الركبة، فلا يصحّ منه إبداء ما دون ذلك لرجلٍ أو امرأةٍ إن لم تكن زوجته، أمّا عورة المرأة فقد قال العلماء أنّها على قسمان؛ عورة النظر، وعورة اللباس، فأمّا عورة النظر فقالوا هي عورة المرأة أمام المرأة، وتكون من السرّة إلى الركبة، فلا يجوز للمرأة أن تنظر لغيرها من النساء في ذلك الموضع، ولا يجوز لها كذلك أن تُبدي ذلك الموضع من جسدها أصلاً، وذلك لنهي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن نظر الرجل إلى عورة الرجل، أو نظر المرأة إلى عورة المرأة، والنهي هنا يفيد التحريم، وأمّا عورة اللباس فتكون بستر العورة ابتداءً، ثمّ تقدّر بحسب العُرف، وينظر في ذلك إلى عُرف الصالحات لا الفاجرات، وقد قال العلماء فيه إنّ المرأة تُظهر أمام المرأة ما تُظهره أمام محارمها من الرجال، وهو ما يظهر من وجهها، ورأسها، وعنقها، ويديها إلى الساعد، وقدمها وساقها عند الحاجة؛ وذلك لأنّ الله -عزّ وجلّ- في الآية الكريمة ذكر المحارم من الرجال، ثّم عطف عليهم النساء، حيث قال: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ)، وأمّا عورة المرأة أمام الرجال لأجانب عليها غير المحارم لها، فهي سائر جسدها، عدا الوجه والكفين ففيهما خلاف.
فضّل العلماء أن تكون المرأة محتشمةً على الدوام، فتحرص ألّا يظهر منها أمام محارمها أو النساء الأخريات إلّا ما اضطرّت لإظهاره، مع تأكيدهم أنّ ساق المرأة لا تعتبر عورة أمام هؤلاء، فإذا ارتدت لباساً قصيراً يستر العورة المحددة أمامهم؛ أي من السرّة إلى الركبة، ويظهر شيئاً من ساقها جاز لها ذلك مع أفضليّة تركه، واشترطوا لجواز ليس القصير الساتر للعورة ألّا يكون فيه تشبّه بالكافرات، وألّا يكون ضيّقاً كذلك فيصف العورة، ويحدّدها تحديداً دقيقاً.
ورأى فقهاء آخرون أنّ الأصل في لباس المرأة المسلمة أن يكون سابغاً مشتملاً على جميع بدنها عدا الوجه والكفّين، ولا يجوز لها لبس القصير إلّا إذا كانت في بيتها، وليس في بيتها سوى زوجها، وقالوا إنّ عورة المرأة على المرأة بين السرة والرّكبة، لكنّ ذلك لا يعني ألّا تستر المرأة أمام النساء إلّا ما بين سرّتها وركبتها، بل عليها ستر جسدها ما استطاعت، فإن قدّر أن ظهر شيء من ساقها أو رقبتها أو غيره فلا بأس في ذلك.
إنّ ترك الحرص على ستر العورات والالتزام بأحكام العورة واللباس يؤدي إلى كثير من الأمراض المجتمعية الخطيرة، منها:
موسوعة موضوع