ذكر التاريخ الكثير من القصص عن أمم ودول وجماعات وأفراد، حلّت بهم عقوبة الله -تعالى- فأبادتهم عن بكرة أبيهم، فلم تنفعهم شدة قوتهم، ولا كثرة أسلحتهم، ولا ذكائهم ورجاحة عقولهم لمّا أتاهم أمر الله عز وجل، وقد أخبرنا الله -تعالى- عنهم في كتابه الحكيم حيث قال: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)،ومن الجدير بالذكر أن الله -تعالى- قد وضع سنناً ثابتة لا محاباة فيها لكل الأمم، فما من أمة تسلك سبيل الغابرين في ممارسة الظلم، ومقارفة الذنوب، والأمن من عقوبة الله -تعالى- إلا وحل بها ما حل بمن سبقهم، وقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أسباب العقوبات العامة للأمم، حيث قال: (في هذِهِ الأمَّةِ خَسفٌ ومَسخٌ وقَذفٌ ، فقالَ رجلٌ منَ المسلِمينَ: يا رسولَ اللَّهِ ، ومتَى ذاكَ ؟ قالَ: إذا ظَهَرتِ القِيانُ والمعازِفُ وشُرِبَتِ الخمورُ).
وردت قصة أصحاب الفيل في العديد من كتب التاريخ، وقد ذكرها محمد بن إسحاق، وابن كثير في كتب السيرة، حيث بدأت أحداث القصة عندما لفت انتباه أبرهة بن الصباح عامل النجاشي في اليمن جموع العرب في موسم الحج، فبنى كنيسة عظيمة يُضرب المثل في حسنها وجمالها، ثم كتب إلى النجاشي يخبره بأنه سيُحوّل حج العرب إلى كنيسته، فبلغ الخبر إلى العرب وسمعوا به، وعندها ذهب رجل من بني كنانة إلى كنيسة أبرهة، وأحدث فيها، ثم وضع القذارة على جدرانها، ولما وصل الخبر إلى أبرهة غضب لذلك غضباً شديداً وسأل عن الفاعل، فأخبروه بأنه واحد من العرب الذين يحجّون إلى الكعبة، وأنه فعل ذلك لمّا سمع بأمر تحويل حج العرب إلى تلك الكنيسة، فأقسم أبرهة أن يسير إلى الكعبة ويهدمها، وأرسل إلى النجاشي يطلب منه الإذن بذلك، وأن يمده بالفيَلة ليهدم بها الكعبة، فأرسل إليه فيل عظيم الحجم والقوة يقال له محمود.ثم بعث أبرهة أحد رجاله واسمه الأسود بن مفصود على رأس مجموعة من الجنود لِيَغيروا على أنعام أهل مكة، فأغاروا عليها وكان من بين ما سلبوه مئتي بعير لعبد المطلب، وبعدها بأيام ذهب عبد المطلب إلى معسكر أبرهة وطلب مقابلته فأذن له بذلك، ولما دخل عبد المطلب على أبرهة عظّمه وأكرمه، وكره أن يجلس على سريره ويجلس عبد المطلب على الأرض، فنزل وجلس معه على الأرض، فقال عبد المطلب: (أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فاردده عليَّ)، فقال له: (لقد أعجبْتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك)، قال: ولم؟ قال: (جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم فأهدمه فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟)، فقال عبد المطلب قولته المشهورة: (أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه)، قال: (ما كان ليمنعه مني)، قال: (فأنت وذاك)، ثم أمر أبرهة جنده بإعادة البعير، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريش الخبر وطلب منهم أن يتفرقوا في الجبال
وفي اليوم التالي تجهّز أبرهة وأمر جنده بالتوجه نحو الكعبة، فساروا إلى أن اقتربوا من الكعبة فبرك الفيل على الارض ولم يتحرك، فحاولوا إجباره على القيام بكل الوسائل ولكنه أبى ذلك، فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول، ثم وجهوه إلى الكعبة فبرك مرة أخرى، وبينما أبرهة وجنوده يحاولون إجباره على التقدم نحو الكعبة، أرسل الله -تعالى- عليهم مجموعات هائلة من الطيور تأتيهم من جهة البحر ومع كل طائر ثلاثة أحجار بحجم حبة الحمص، حتى أظلتهم فالقت عليهم الحجارة، فما أصابت تلك الحجارة أحد منهم إلا هلك، وفر الجيش وتساقط الجنود الواحد تلوا الآخر، وأصابت الحجارة أبرهة فتساقط لحمه، حتى وصل إلى اليمن كالفرخ، ثم مات بعدها
حدثت واقعة الفيل في شهر محرم قبل ولادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخمسين يوماً، وهو ما يوافق شهر فبراير من عام 571م، ويمكن استخلاص عدد من العِبر من تلك الحادثة، ومنها
ثم بعث أبرهة أحد رجاله واسمه الأسود بن مفصود على رأس مجموعة من الجنود لِيَغيروا على أنعام أهل مكة، فأغاروا عليها وكان من بين ما سلبوه مئتي بعير لعبد المطلب، وبعدها بأيام ذهب عبد المطلب إلى معسكر أبرهة وطلب مقابلته فأذن له بذلك، ولما دخل عبد المطلب على أبرهة عظّمه وأكرمه، وكره أن يجلس على سريره ويجلس عبد المطلب على الأرض، فنزل وجلس معه على الأرض، فقال عبد المطلب: (أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فاردده عليَّ)، فقال له: (لقد أعجبْتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك)، قال: ولم؟ قال: (جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم فأهدمه فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟)، فقال عبد المطلب قولته المشهورة: (أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه)،
وفي اليوم التالي تجهّز أبرهة وأمر جنده بالتوجه نحو الكعبة، فساروا إلى أن اقتربوا من الكعبة فبرك الفيل على الارض ولم يتحرك، فحاولوا إجباره على القيام بكل الوسائل ولكنه أبى ذلك، فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول، ثم وجهوه إلى الكعبة فبرك مرة أخرى، وبينما أبرهة وجنوده يحاولون إجباره على التقدم نحو الكعبة، أرسل الله -تعالى- عليهم مجموعات هائلة من الطيور تأتيهم من جهة البحر ومع كل طائر ثلاثة أحجار بحجم حبة الحمص، حتى أظلتهم فالقت عليهم الحجارة، فما أصابت تلك الحجارة أحد منهم إلا هلك، وفر الجيش وتساقط الجنود الواحد تلوا الآخر، وأصابت الحجارة أبرهة فتساقط لحمه، حتى وصل إلى اليمن كالفرخ، ثم مات بعده