شاءت إرادة االله -عزّ وجلّ- أنْ يفضّل أماكن على أماكن، فكانت مكّة المكرمة مكاناً له قداسة خاصة عند جميع المسلمين في أنحاء العالم؛ وقد اختارها الله -عزّ وجلّ- لتكون محطّ أوّل بناء لعبادته في الأرض، فكان هذا المكان الطاهر قِبلة مُوحِّدي الله تعالى، تتّجه إليها قلوبهم كلّ يوم، وفي بطن مكّة رفع إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- قواعد الكعبة؛ لتكون مقرّاً ومستقرّاً لعباد الله تعالى، ومنها شعّ نور الإسلام إلى بقاع الدنيا؛ إذ شاءت إرادة الله -سبحانه- أنْ يُبعثَ من أهلها خاتم الأنبياء والمُرسَلين محمّد صلى الله عليه وسلم، وستبقى مكّة المكرمة مهوى أفئدة المؤمنين، ووجهة قلوب المسلمين؛ ففيها يجدون الأنس واللّذة بالقرب من الله تعالى، فما هي مكّة، وما معنى اسمها، ولماذا سُمِّيت بهذا الاسم، وما مكانتها وفضلها؟
جاءت في مقاييس اللغة كلمة مَكَّ؛ الْمِيمُ وَالْكَافُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى انْتِقَاءِ الْعَظْمِ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ، يَقُولُونَ: تَمَكَّكَتِ الْعَظْمُ: أَخْرَجَتْ مُخَّهُ، وَامْتَكَّ الْفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ: شَرِبَهُ، وَالتَّمَكُّكُ: الِاسْتِقْصَاءُر
اختصّ الله -عز وجل- مكّة المكرمة بخصائص ومزايا كانت سبباً في كونها أفضل بقاع الأرض، وتظهر مكانتها وأهميّتها فيما يأتي