ما هما الميتتان اللتان حلل الله أكلهما

الكاتب: مروى قويدر -
ما هما الميتتان اللتان حلل الله أكلهما

ما هما الميتتان اللتان حلل الله أكلهما.

 

 

غذاء الإنسان في الإسلام:

 

سخّر الله سبحانه للإنسان كلّ ما في الكون، وعلّمه كيف يستخدمه في أموره وحاجاته، فأباح له بعض أنواع الطعام، وحرّم عليه أنواعاً أخرى، والغذاء المباح؛ هو ما يجوز للإنسان أن يتناوله من الطعام والشراب ممّا بيّنته الشريعة الإسلامية، ولا شكّ أنّ مأكول الإنسان وشرابه من أقوى ما يؤثّر في بدنه، وطباعه، لذلك فقد أمر الله سبحانه عباده بأكل الطيّبات، وحرّم عليهم الخبائث؛ لأنّ الخبائث تُفسد طباع الإنسان؛ لما تتغذّى عليه من أغذيةٍ خبيثةٍ، ومن التزم بأوامر الله تعالى، وانتهى عن الأكل ممّا نهاه عنه، استوفى لذته تلك في الجنة، على عكس من فرّط في ذلك وتهاون به في الدنيا، فإنّه يُحرم منه في الآخرة، والأصل في الأغذية جميعها أنّها مباحة، ولا يحرّم منها إلّا ما دلّ على حرمته دليلٌ شرعيٌ، ويدل على هذا الأصل الشرعي؛ قول الله تعالى في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبين)، فيظهر من ذلك أنّ كلّ طعامٍ كان معروفاً مسبقاً، أو تم اكتشافه حديثاً، هو مباحٌ، إلّا إن دلّ على حرمته دليلٌ، أو علّةٌ شرعيّةٌ.

وغذاء الإنسان يتكون إمّا من نباتاتٍ، أو حيواناتٍ، والحيوانات إمّا أن تكون بحريّة، أو بريّةٌ، ولكلّ صنفٍ منها حكمه الشرعي، فحكم الغذاء على النباتات؛ الإباحة لكلّ أنواعها، عدا ما كان ضارّاً؛ كأنواع السموم، أو مسكراً؛ كأنواع المخدرات، فكلّ ما يغُيّب العقل يعتبر محرّماً في الشريعة الإسلامية، وكذلك كل ما كان مملوكاً للغير، فيحرّم على الإنسان أن يأكل منه، إلّا بإذنه، وطيب نفسه، أمّا حيوانات البحر فكلّها مباحةٌ، سواءً أتمً صيدها، أو ماتت فيها، وذلك لقول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ)، ويستثنى من ذلك الضفدع؛ لأنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- نهى عن قتله، وكل ما ثبت ضرّه أيضاً، وفيما يتعلّق بحيوانات البرّ، فكلّها مباحةٌ للإنسان، إلّا أنواعاً معينةً ورد تحريمها في الشرع، وهي كلّ ذي نابٍ من السباع، وكلّ ذي مخلبٍ من الطيور، وكلّ ما كان خبيثاً، أو نجساً، أو يأكل النجاسات؛ كالفأرة، والحية، والحمار، والخنزير، وكلّ ما نهى الشرع عن قتله، كالضفدع، والهدهد، وأخيراً كلّ ما لم يذكّى بطريقة التذكية الشرعيّة.

 

حُرمة الميتة وحِلّ نوعين منها:

 

حرّم الله -سبحانه- على عباده في دين الإسلام أكل الميتة من الأنعام، وقد ذكر الشيخ الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- في حكمة ذلك التحريم؛ أنّ الحيوان عادةً لا يموت، إلّا إن أُصيب بعلّةٍ من العلل، والعلل إذا أصابت البدن تركت في لحم الحيوان جزءاً منها، فإذا أكلها الإنسان كان في ذلك نقلاً لهذه العلّة إلى جسمه، وقد تختلط جراثيمها في دمه، وإذا وقفت دورة الدم في الحيوان غلبت أجزاؤه الضارة على أجزائه النافعة، ولهذا السبب شرع الله سبحانه الذكاة الشرعية، فالحيوان المذكّى فيها يموت من غير علّةٍ، كما أنّ دمه حينها يُراق، ممّا يجعل لحمه نقياً في الغالب من الجراثيم، وعامّة ما يخشى منه المرض، ولعلّ ذلك هو السبب في ذهاب الإمام مالك رحمه الله- إلى أنّ ذكاة الأم ذكاةً لجنينها أيضاً، فالجنين متصلٌ بأجزاء أمه، واستفراغها لدمها استفراغٌ لدمه أيضاً، ممّا يؤدي إلى موته بموتها، فيسلم بذلك من علّة الميتة، وقد استثنى الشرع من تحريم الميتة نوعان منها؛ هما: ميتة البحر من الحوت والسمك، وميتة الجراد.

وقد ورد في حلّ الحوت والجراد من الميتة حديثٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال فيه: (أحلتْ لنا ميتتانِ ودمانِ، فأمّا الميتتانُ: فالحوتُ والجرادُ، وأمّا الدمانُ فالكبدُ والطحالُ)، كما قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن البحر: (هو الطَّهُورُ ماؤُهُ الحِلُّ مِيتَتُهُ)،  وأمّا حِلّ أكل الجراد، فقد استدلّ العلماء له بما ورد عن عبد الله بن أبي أوفى، حين قال: (غزَوْنا معَ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- سبعَ غزَواتٍ أو سِتّاً، كُنَّا نأكُلُ معَه الجَرادَ)، أما الكبد والطحال فقد ثبتّ حِلّهما بالإجماع.

 

آدابٌ وأحكامٌ شرعيّةٌ متعلّقةٌ بالطعام:

 

ورد في الشريعة الإسلامية عدداً من الآداب والأحكام الشرعية المتعلقة بالطعام والشراب ليتحلّى بها المسلم، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:

  • عدم ذمّ الطعام؛ فلم يكن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يذمّ الطعام أبداً، فإن أحبّه أكل منه، وإن كرهه تركه، والمقصود بذلك هو الطعام المباح، أمّا الطعام المحرّم، فقد كان يذّمه، وينهى عنه.
  • الاعتدال في المأكل والمشرب، وعدم الإسراف وملء البطن منه، وأفضل ما في ذلك أن يجعل الإنسان بطنه على ثلاثة أثلاث، فيجعل لطعامه ثُلُثاً، ولشرابه ثُلُثاً، ولنفسه ثُلُثاً، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أَكَلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ).
  • ترك واجتناب الأكل في الآنية المصنوعة من الذهب والفضّة، فقد نهى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك.
  • شكر الله تعالى، وحمده على نعمة الطعام بعد الانتهاء منه، فقد أرشد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- إلى ذلك حين قال: (إنّ الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها).
شارك المقالة:
81 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook