ما هو أثر سماع القرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
ما هو أثر سماع القرآن الكريم

ما هو أثر سماع القرآن الكريم.

 

 

القرآن الكريم:

 

ذهب أهل اللغة إلى أن كلمة قرآن مشتقةٌ من قرأ بمعنى الجمع، كما جاء في قول الله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)، ورُوي عن ابن عباسٍ -رضي الله عنه- أنه فسّر الآية الكريمة بقوله: "إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فاعمل به"، وأما اصطلاحاً فيُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- وحياً بواسطة الملك جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والمنقول إلينا بالتواتر، وهو المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة.

 

أثر سماع القرآن الكريم..

 

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون نوراً للناس وضياءً، يُخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، فنزوله رحمة من الله لعباده، به يهتدون، وإليه يتحاكمون، وهو مرجعهم تلاوةً وعملاً، وقد حفظ الله -تعالى- القرآن الكريم من التبديل والتغيير، فلا مخلوق قادر على الزيادة فيه أو الإنقاص منه، وقد جعل الله -تعالى- لهذا القرآن العظيم الفضل الكبير في هداية نفوس البشر وسعادتهم.


ومن الجدير بالذكر أنّ لسماع القرآن الكريم الأثر العظيم في النفوس، ومن ذلك إصلاحها، وانشراحها، وشفاؤها من الأمراض المختلفة، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا)، ومن الأدلة التي جاءت في السنة النبوية على فضل سماع القرآن الكريم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُحبّ أن يسمع القرآن من غيره، مصداقاً لما جاء في الحديث الشريف في قول النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عنه عمرو بن مرة الجهني أنّه قال: (اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: {فَكيفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ وجِئْنَا بكَ علَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قالَ: أمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)، وعليه يمكن إجمال أهم الآثار المترتّبة على سماع القرآن الكريم فيما يأتي:

  • زيادة الإيمان: حيث يؤدي إلى تقوية الإيمان في القلب وزيادته، وهذا مما لا شكّ فيه يُعدّ من أكثر الأمور أهميةً في حياة المسلم، وقد ذكر الكثير ممن هدى الله -تعالى- قلوبهم للإيمان أن الاستماع للقرآن الكريم وتلاوته بتدبّرٍ وإمعانٍ كان السبب الأكبر في ذلك.
  • الهداية: إن لسماع القرآن الكريم أثرٌ كبيرٌ في هداية القلوب، وقد ورد في كتب التاريخ والسيرة الكثير من المواقف التي تدلّ على ذلك، فقد رُوي أن سبب هداية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ودخوله في الإسلام اطّلاعه على سورة طه من صحيفةٍ وجدها عند أخته فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، ورُوي أيضاً أن النجاشي وأساقفته لما سمعوا قراءة جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- لسورة مريم بكوا حتى اخضلّت لحاهم، ثم قال لهم النجاشي: "إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة"، وقيل إن سبب توبة الفيضل بن عياض -رحمه الله- كان سماعه لقول الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ)، ولم يقتصر أثر سماع القرآن الكريم على الإنس فحسب، بل إن الأثر شمل الجن أيضاً، مصداقاً لقول الله تعالى على لسان الجن لما سمعوا القرآن : (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا).
  • الإخلاص: فمن آثار سماع القرآن الكريم تربية القلوب على الإخلاص وبعث الخشية فيها.

 

فضل الاستماع للقرآن الكريم

 

يعد الاستماع للقرآن الكريم من الأعمال الفاضلة، فقد أمر به الله تعالى، حيث قال: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ)، وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجتمع بأصحابه -رضي الله عنهم- ويقرأ عليهم القرآن الكريم وهم يستمعون لقراءته، وإذا مرّ بسجدةٍ سجدوا معه، ورُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يأمر بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بقراءة القرآن على مسامعه، وفي أحد المواقف أمر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بقراءة القرآن الكريم، فقرأ من سورة النساء، ولما وصل إلى قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)، قالَ: (أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)، وفيما يأتي بيان بعض فضائل الاستماع للقرآن الكريم:

  • سبب لرحمة الله: ذكر أهل العلم أن الاستماع للقرآن الكريم سببٌ للرحمة في الدنيا والآخرة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ).
  • سببٌ للهداية: بشّر الله -تعالى- الذين يستمعون للقرآن الكريم بالهداية، ووصفهم بأنهم أصحاب عقولٍ راشدةٍ وسليمةٍ، حيث قال: (فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ومما يدلّ على رجاحة عقلهم أنهم يتّبعون أحسن القول، وأحسن القول على الإطلاق هو القرآن الكريم، ثم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

خصائص القرآن

 

إن الله -تعالى- ميّز القرآن الكريم عن غيره من الكتب السماوية بالعديد من الخصائص، حيث تكفّل بحفظه من أن تزيد فيه الشياطين باطلاً، أو تنقص منه حقاً، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، وأنزله بلغة العرب، وإن كان فيه بعض الأسماء الأعجمية: كإسرائيل، وجبرائيل، ونوح، ولوط، وجعله معجزةً خالدةً إلى قيام الساعة، حيث يرتقي القرآن الكريم في البلاغة إلى حدٍّ يفوق قدرات البشر، ومن خصائص القرآن الكريم أن الله -تعالى- رتّب على قراءته وسماعه أجراً عظيماً، حيث رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).

شارك المقالة:
109 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook