سألت السيّدة عائشة -رضي الله عنها- النبيّ عن ما أفضل ما تدعو ليلة القدر، حيث ورد: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي)، وفيه إرشادٌ من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأمّ المؤمنين عائشة بترديد الدعاء الوارد في الحديث، ودليلٌ على أنّ ذلك الدعاء أفضل الأقوال في ليلة القدر، إذ إنّه من أجمع الأقوال وأنفعها، يخرج من المسلم دون تكلّفٍ، ويحوي جوامع الكلم، وقريبٌ من إجابة الله تعالى.
كان دأب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- التماس ليلة القدر في العشر الأخيرة من شهر رمضان، فلقد كان يشدّ مئزره كما ذكرت عائشة ويتفرّغ للعبادة ويجتهد فيها أيّما اجتهادٍ، وذلك لنيل فضائل ليلة القدر العظيمة، ولقد سمّيت ليلة القدر بهذا الاسم لقدرها العظيم في ميزان الله تعالى، إذ إنّ الله -سبحانه- يُنزل على عباده الرحمات، ويأذن للملائكة أن تتنزّل إلى الأرض، كما يفصل الله -تعالى- فيها أقدار البشر إلى سنتهم القادمة، فينزّل أقدارهم وأرزاقهم وآجالهم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ومن أعظم فضائل ليلة القدر كذلك أنّ العبادة فيها مضاعفةٌ أضعافاً كثيرةً، فعبادة هذه الليلة خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ كما ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم.
كانت وصيّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لمن أدرك ليلة القدر أن يُكثر من الدعاء المذكور آنفاً، ويجب على المسلم أن يعلم قيمة هذا الدعاء وفضله عند الله -تعالى-، فلا يستقلّ في قوله وكثرة ترديده طوال ليلة القدر، فمن منّ الله -تعالى- عليه بالعفو والعافية نال خيري الدنيا والآخرة بإذن الله، ولا شكّ أنّ هناك عباداتٌ أخرى من الخير أن يجتهد فيها العبد إن أدرك ليلة القدر، منها: القيام والصلاة، ففي ذلك فضلٌ عيظمٌ، وكذلك قراءة القرآن الكريم، وكثرة الذكر، وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
موسوعة موضوع