الانتشار المتعدد في موجات الراديو (Multipath radio propagation): هو ظاهرة الانتشار التي تؤدي إلى وصول إشارات الراديو إلى هوائي الاستقبال من خلال مسارين أو أكثر حيث تشمل أسباب تعدد المسارات قنوات الغلاف الجوي وانعكاس الغلاف المتأين وانكساره والانعكاس من المسطحات المائية والأجسام الأرضية مثل الجبال والمباني.
ينشأ العدد الهائل من مسارات الإشارات المختلفة من حقيقة أنّ الإشارات هي انعكاسات من المباني أو الجبال أو الأسطح العاكسة الأخرى بما في ذلك الماء وما إلى ذلك، والتي قد تكون مجاورة للمسار الرئيسي، وبالإضافة إلى ذلك تؤدي التأثيرات الأخرى مثل الانعكاسات الأيونوسفيرية إلى انتشار متعدد المسيرات كما تفعل قنوات التروبوسفير.
للهوائيات المستخدمة للإرسال والاستقبال تأثير على عدد المسارات التي يمكن أن تسلكها الإشارة حيث تشع الهوائيات غير الموجهة الإشارة في جميع الاتجاهات، في حين أنّ الهوائيات التوجيهية ستركز الطاقة في اتجاه واحد ممّا يقلل من قوة الإشارات المنعكسة بعيداً عن الحزمة الرئيسية، كما يمكن أن يؤدي الانتشار متعدد المسارات الناتج عن تنوع مسارات الإشارة التي قد توجد بين المرسل والمستقبل إلى حدوث تداخل بعدة طرق من بينها تشويه الإشارة وفقدان البيانات والخبو متعدد المسارات.
يمكن الاستفادة من مجموعة متنوعة من مسارات الإشارة الناشئة عن الانتشار متعدد المسارات حيث تُعد مخططات (MIMO) المستخدمة في الانتشار متعدد المسارات وذلك لزيادة سعة القنوات التي تستخدمها أو تسعى إلى تحسين نسبة الإشارة إلى الضوضاء.
يُعد استقبال الإشارات في بيئة أرضية أي حيث توجد الانعكاسات وتصل الإشارات إلى المُستقبل من المرسل عبر مجموعة متنوعة من المسارات، وتكون الإشارة الإجمالية المُستقبلة هي مجموع كل الإشارات التي تظهر على الهوائي، أمّا في بعض الأحيان تكون الإشارات في طور الإشارة الرئيسية وستضاف إليها، ممّا يؤدي إلى زيادة من قوتها حيث تتداخل الإشارات مع بعضها البعض في بعض الأحيان وسيؤدي هذا إلى تقليل قوة الإشارة الإجمالية.
يؤثر الخبو متعدد المسارات على معظم أشكال روابط الاتصالات اللاسلكية بشكل أو بآخر حيث يمكن أن يؤثر الخبو متعدد المسارات على الإشارات على الترددات من الجزء (LF) من الطيف وأسفله وصولاً إلى جزء الميكروويف من الطيف، كما يحدث الخبو متعدد المسيرات في أي بيئة يوجد فيها انتشار متعدد المسيرات وتتغير المسيرات لسبب ما، ولكن لن يؤدي ذلك إلى تغيير قوتها النسبية فحسب بل سيؤدي أيضاً إلى تغيير مراحلها حيث ستتغير أطوال المسار.
قد يتسبب الخبو متعدد المسارات في تشويه إشارة الراديو، ونظراً لأنّ المسارات المختلفة التي يمكن أن تسلكها الإشارات تختلف في الطول، فإنّ الإشارة المرسلة في حالة معينة ستصل إلى جهاز الاستقبال على مدى عدة مرات حيث يمكن أن يتسبب ذلك في حدوث مشكلات في تشوه الطور والتداخل بين الرموز عند إرسال البيانات، ونتيجةً لذلك قد يكون من الضروري دمج ميزات في نظام الاتصالات الراديوية تمكن من تقليل آثار هذه المشكلات.
يُعد الخبو متعدد المسارات ميزة يجب أخذها في الاعتبار عند تصميم أو تطوير نظام اتصالات لاسلكي، حيث في أي نظام اتصالات لاسلكي للأرض تصل الإشارة إلى جهاز الاستقبال ليس فقط عبر المسار المباشر ولكن نتيجة انعكاسات من كائنات مثل المباني والتلال والأرض والمياه وما إلى ذلك المجاورة للمسار الرئيسي.
تُعد الإشارة الإجمالية في مُستقبل الراديو بأنّها عبارة عن تجميع لمجموعة متنوعة من الإشارات التي يتم استقبالها، ونظراً لأنّ لديهم جميعاً أطوال مسار مختلفة فإنّ الإشارات ستجمع وتطرح من الإجمالي الذي يعتمد على مراحلها النسبية حيث تكون هناك تغييرات في أطوال المسار النسبي، كما ينتج التغيرات عن تحرك جهاز الإرسال أو الاستقبال اللاسلكي أو تحرك أي من الكائنات التي توفر سطحاً عاكساً.
يؤثر هذا الشكل من الخبو متعدد المسارات على جميع الترددات عبر قناة معينة إمّا بالتساوي أو بالتساوي تقريباً، وعند حدوث خبو مسطح متعدد المسارات ستتغير الإشارة فقط في الاتساع وترتفع وتهبط على مدار فترة زمنية أو مع الحركة من موضع إلى آخر.
يتميز الخبو الانتقائي بحدوثه عندما يؤثر الخبو متعدد المسارات على ترددات مختلفة عبر القناة بدرجات مختلفة حيث أنّ مراحل واتساع الإشارة ستختلف عبر القناة، وفي بعض الأحيان قد يتم اختبار أصفار عميقة نسبياً وهذا يمكن أن يؤدي إلى بعض مشاكل الاستقبال، وبمجرد الحفاظ على السعة الإجمالية للإشارة المستقبلة لن يتغلب على آثار الخبو الانتقائي وقد تكون هناك حاجة إلى شكل من أشكال التعادل.
في بعض تنسيقات الإشارات الرقمية يستطيع تعدد الإرسال بتقسيم تعامدي للتردد (OFDM) أن ينشر البيانات عبر قناة واسعة حيث يُعد بأنّه لا يفقد أي أصفار سوى جزء من البيانات، كما يمكن إعادة تشكيل ذلك باستخدام تقنيات التصحيح الأمامي للأخطاء وبهذه الطريقة يمكن أن يخفف من آثار الخبو الانتقائي متعدد المسيرات.
إنّ المحطة المتنقلة أو المستخدم من المحتمل أن يتحرك ونتيجةً لذلك تتغير أطوال مسار جميع الإشارات التي يتم استقبالها، أمّا في العديد من الأشياء حولها قد تتحرك أيضاً كما سوف تسبب السيارات وحتى الأشخاص انعكاسات سيكون لها تأثير كبير على الإشارة المستقبلة، وبناءً على ذلك فإنّ الخبو متعدد المسارات له تأثير كبير على الاتصالات الخلوية.
أحياناً يكون الخبو متعدد المسارات الذي يؤثر على الهواتف المحمولة معروف في التلاشي السريع لأنّه يحدث على مسافة قصيرة نسبياً، كما يحدث التلاشي البطيء عندما يتحرك الهاتف الخلوي خلف عائق وتتلاشى الإشارة ببطء.
(Rayleigh) هو الاسم الذي يطلق على شكل الخبو الذي غالباً ما يحدث في بيئة يوجد بها عدد كبير من الانعكاسات.
نموذج تلاشي (Rayleigh): تفترض نماذج (Rayleigh) الخبو أنّ حجم الإشارة التي مرت عبر وسيط الإرسال هذا وتسمى أيضاً قناة الاتصالات سوف يتغير عشوائياً أو يتلاشى وفقاً لتوزيع (Rayleigh) والمكون الشعاعي لمجموع اثنين المتغيرات العشوائية الغاوسية غير المرتبطة.
يُعد نموذج خبو رايلي مفيداً بشكل خاص في السيناريوهات التي يمكن اعتبار أنّ الإشارة فيها مبعثرة بين المرسل والمستقبل حيث لا يوجد مسار إشارة واحد يهيمن ولكن يلزم اتباع نهج إحصائي لتحليل الطبيعة الإجمالية لقناة الاتصالات الراديوية حيث أنّ خبو رايلي هو نموذج يمكن استخدامه لوصف شكل الخبو الذي يحدث عند وجود انتشار متعدد المسيرات.
في أي بيئة أرضية تنتقل الإشارة الراديوية عبر عدد من المسارات المختلفة من المرسل إلى المستقبل، والمسار الأكثر وضوحاً هو المسار المباشر أو مسار الرؤية حيث يكون هناك العديد من الكائنات حول المسار المباشر، كما قد تعمل هذه الأشياء على عكس الإشارة وانكسارها ونتيجة لذلك هناك العديد من المسارات الأخرى التي قد تصل الإشارة من خلالها إلى جهاز الاستقبال.
عندما تصل الإشارات إلى جهاز الاستقبال، تكون الإشارة الإجمالية عبارة عن مزيج من جميع الإشارات التي وصلت إلى جهاز الاستقبال عبر العديد من المسارات المختلفة المتاحة حيث ستجمع كل هذه الإشارات معاً وتكون مرحلة الإشارة مهمة، واعتماداً على الطريقة التي تجمع بها هذه الإشارات معاً ستختلف قوة الإشارة، وإذا كانوا جميعاً في مرحلة مع بعضهم البعض فسيجمعون جميعاً معاً.
يُعد استخدام نموذج رايلي للخبو يمكن من أجل تحليل انتشار الإشارات الراديوية على أساس إحصائي، حيث تعمل بشكل أفضل في ظل الظروف التي لا توجد فيها إشارة سائدة مثل إشارة خط البصر المباشر، وفي كثير من الحالات تندرج الهواتف الخلوية المستخدمة في بيئة حضرية كثيفة ضمن هذه الفئة، ومن الأمثلة الأخرى التي لا يوجد فيها مسير مهيمن عموماً انتشار الأيونوسفير حيث تصل الإشارة إلى المستقبل عبر عدد كبير من المسيرات الفردية، كما يُظهر الانتشار باستخدام قنوات التروبوسفير نفس الأنماط حيث تُعتبر كل هذه الأمثلة مثالية لاستخدام نموذج رايلي للخبو أو الانتشار.
يمكن أن يؤدي الانتشار متعدد المسيرات إلى حدوث تداخل من شأنه تقليل نسبة الإشارة إلى الضوضاء وتقليل معدلات الخطأ في البتات للإشارات الرقمية، وأحد أسباب تدهور جودة الإشارة هو الخبو متعدد المسيرات الموصوف بالفعل، حيث هناك طرق أخرى يمكن أن يؤدي فيها الانتشار متعدد المسارات إلى تدهور الإشارة والتأثير على سلامتها.
تُعد إحدى الطرق التي تكون في التداخل واضح بشكل خاص عند التحرك في السيارة والانتقال من مكان إلى آخر والاستماع إلى راديو (FM) في نقاط معينة وستتشوه الإشارة وتبدو وكأنّها تنفصل، حيث ينشأ هذا من حقيقة أنّ الإشارة يتم تعديلها بالتردد وفي أي وقت معين كما يوفر تردد الإشارة المستقبلة الجهد الفوري لانتاج الصوت، وفي حالة حدوث انتشار متعدد المسارات، ستظهر إشارتان أو أكثر عند المستقبل حيث واحد هو إشارة مباشرة أو خط البصر والآخر هو إشارة منعكسة.
يُعرف شكل آخر من أشكال تداخل الانتشار متعدد المسارات الذي ينشأ عند استخدام عمليات الإرسال الرقمية بالتداخل بين الرموز (ISI) حيث ينشأ هذا عندما يحدث التأخير بسبب طول المسار الممتد للإشارة المنعكسة، وإذا كان التأخير يمثل نسبة كبيرة من الرمز فقد يتلقى المُستقبل الإشارة المباشرة التي تشير إلى جزء واحد من الرمز أو حالة واحدة وإشارة أخرى تشير إلى حالة منطقية أخرى، في حالة حدوث ذلك يمكن أن تتلف البيانات.
تتمثل إحدى طرق التغلب على التداخل في إرسال البيانات بمعدل أخذ عينات من الإشارة، فقط عندما تصل جميع الانعكاسات وتكون البيانات مستقرة، حيث يحد هذا بطبيعة الحال من معدل إرسال البيانات ولكنّه يضمن عدم تلف البيانات وتقليل معدل الخطأ في البت، ولحساب التداخل يجب حساب وقت التأخير باستخدام تقديرات الحد الأقصى للتأخيرات التي من المحتمل مواجهتها من الانعكاسات، وباستخدام أحدث تقنيات معالجة الإشارات يمكن استخدام مجموعة متنوعة من الطرق للتغلب على مشاكل الانتشار متعدد المسارات وإمكانيات التداخل.