وردت العديد من الصيغ للدعاء بعد تكبيرة الإحرام من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته، وقد أخذ الصحابة تلك الصيغ من السماع المباشر من النبي، حينما كان يصلي أو يخبرهم عن الصلاة، أو يسألوه عن الصلاة وأفعالها وأقوالها، وفيما يلي بيان مجموعة من تلك الصيغ عند الفقهاء.
يُسمّى الدعاء بعد تكبيرة الإحرام بدعاء الاستفتاح، وهو دعاءٌ مسنونٌ عند جمهور الفقهاء، يقوله المصلِّي بعد أن يؤدي تكبيرة الإحرام وقبل الشُّروع في الفاتحة، وقد وردت لدعاء الاستفتاح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجموعةٌ من الصيغ والألفاظ التي يجوز أن يدعو المسلم بها بعد تكبيرة الإحرام، ومن تلك النصوص ما يلي:
وقد ثبتت بما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كان الرسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يسكُتُ بينَ التكبيرِ وبينَ القراءةِ إسكاتَةً -قال أحسبُهُ قال هُنَيَّةً - فقلتُ: بأبي وأمي يا رسولَ اللهِ، إسكاتُكَ
بينَ التكبيرِ والقراءةِ، ما تقولُ؟ قال: أقولُ: اللهمَّ بَاعِدْ بيني وبينَ خطايَايَ، كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ، اللهمَّ نَقِّنِي من الخطايَا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ، اللهمَّ اغْسِلْ خطايَايَ بالماءِ والثلجِ والبَرَدِ). وهذه الصيغة لدعاء الاستفتاح هي أصحُّ ما ورد في الدعاء بعد تكبيرة الإحرام (دعا الاستفتاح) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يقول الإمام ابن حجر العسقلاني، فينبغي على المسلم أن يؤديها ويركِّز على قراءتها بعد أداء تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة.
أن يقول المصلي بعد تكبيرة الإحرام كما قال رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قام إلى الصلاةِ: (وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماواتِ والأرضِ حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسُكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمِين، اللهمَّ أنت الملكُ لا إله إلا أنت أنت ربى وأنا عبدُك، ظلمتُ نفسى واعترفتُ بذنبى، فاغفرْ لى ذنوبى جميعًا إنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت،واهدِني لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها لا يصرفُ عني سيِّئَها إلا أنت، لبَّيك وسعدَيك، والخيرُ كلُّه في يدَيك، والشرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعالَيتَ، أستغفرُك وأتوبُ إليك. وإذا ركع قال: اللهمَّ لك ركعتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ خشع لك سمعي وبصَري ومُخِّي وعظْمي وعصَبي وإذا رفع قال: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، وإذا سجد قال: اللهمَّ لك سجدتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ، سجد وجهي للذي خلقَه وصوَّره، وشقَّ سمعَه وبصرَه تبارك اللهُ أحسنُ الخالقِين، ثم يكون من آخرِما يقولُ بين التشهُّدِ والتَّسليمِ: اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ وما أسرفتُ وما أنت أعلمُ به مِنِّي أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ لا إله إلا أنتَ)
وهذه الصيغة الأكثر شهرةً بين الناس وربما هي الأكثر تداولاً في الصلاة، وصيغتها فيما روي في الصحيح أن عمرَ بنَ الخطابِ كان يَجْهَرُ بهؤلاء الكلماتِ يقولُ: (سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، تباركَ اسمُك، وتعالى جدُّك، ولا إلهَ غيرُك).
إنّ المسلم مُخيَّرٌ بقراءة أي الصيغ الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، فإن التزم بواحدةٍ من بين تلك الأذكار فلا شيء عليه، والأفضل والأقرب للكمال والأزيد في الأجر أن يبدِّل بين تلك الصيغ من وقتٍ لآخر، فيجمع الخير كله، وهذا ما أشار إليه ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى.
تكبيرة الإحرام تعني: قول المصلّي عند افتتاح الصلاة (الله أكبر)، أو هي: كلّ ذِكرٍ يُصبح به المُصلّي شارعاً في الصلاة وداخلاً فيها، فتكبيرة الإحرام هي تلك الألفاظ التي ينطق به المصلي ليُعلن دخوله في الصّلاة ويُعلن البدء بها، ولها ألفاظ خاصة لا تصحُّ إلا بها وهو قول المصلي: (الله أكبر).
لتكبيرة الإحرام عدة هيئات، وقد اختلف الفُقهاء في الهيئة المجزئة لها، وبيان أقوالهم فيما يلي:
موسوعة موضوع