ما هو النذر

الكاتب: مروى قويدر -
ما هو النذر

ما هو النذر.

 

 

النذر:

 

تعريف النذر لغةً واصطلاحاً

 

يُعرّف النذر في معاجم اللغة العربية بأنّه مصدرٌ ثلاثيٌ من الفعل نَذَرَ، بمعنى أوجب وألزم، وأمّا في الاصصلاح الشرعيّ فهو إلزام المكلّف نفسه شيئاً لم يوجبه ويلزمه الله -تعالى- به.

 

ذكر لفظ النذر في القرآن الكريم

 

إنّ المدلول الرئيس الذي عليه محور لفظ النذر في كتاب الله -عزّ وجلّ- التنبيه والترهيب من الأقوال والأعمال التي تؤدي إلى غضب الله، وقد ذُكر لفظ النذر بمشتقاته في كتاب الله -عزّ وجلّ- مئةً وواحدٍ وثلاثين مرّةً على نحوين؛ الاسم والفعل، وأُكثِر من اشتقاق الاسم منها، نحو لفظ نذير، فقد وردت ما يزيد على ثلاثين موضعاً، كقوله تعالى: (فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ)، وقُرن لفظ التبشير مع الإنذار في ستّة عشر موضعاً، كقوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، ومن الجدير بالذكر أنّ دلالات لفظ النذر في كتاب الله تعدّدت إلى خمسة معانٍ بيانها كالآتي:

  • التنبيه والتحذير الذي بُعث فيه الرسل، كما في قوله تعالى: (أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ)؛ أي حذّرهم من خطر الابتعاد عن أمر الله.
  • إيجاب المسلم على نفسه التزاماتٍ لم يوجبها الله عليه، كما في قوله تعالى: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)؛ أي أن يأتوا بما فرضوه على أنفسهم من أحكامٍ، ولم يرد هذا المعنى إلّا في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم.
  • إتيانها بمعنى الرسل، كما في قوله تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ)؛ أي بالرسل، وكثُر هذا المعنى في عدّة آياتٍ من القرآن الكريم.
  • إتيانها بمعنى الإخبار، كما في قوله تعالى: (هَٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ)، أي هذا إخبارٌ ممّا مضى عن الأمم السابقة.
  • إتيانها بمعنى رسول الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، كما في قوله تعالى: (وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)؛ أي محمّد -عليه الصلاة والسلام-، وعليه أكثر المفسّرين، وقيل: القرآن، وذهب كلٌّ من وكيع وعكرمة وسفيان بن عيينة إلى القول بأنّه الشيب.

 

حكم النذر:

 

يختلف حكم النذر بحسب حال وقوعه من الناذر، وبيان ذلك على النحو الآتي:

  • بعد وقوع النذر من الناذر؛ يجب الوفاء بالنذر إن كان النذر صحيحاً مستكملاً شروطه؛ لأنّ الناذر قد ألزم نفسه به، ودليل ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ).
  • قبل وقوع النذر من الناذر؛ اختلف الفقهاء في جواز الإقدام على النذر، وبيان اختلافهم على النحو الآتي:
    • الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ النذر قُربةٌ مشروعةٌ إن كان صحيحاً مستوفياً لشروطه، فقولهم إنّه قُربةٌ؛ لأنّه نوعٌ من القُرَب والعبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله -عزّ وجلّ-، وقولهم إنّه مشروعٌ؛ لورود النصوص الآمرة بوجوب الإيفاء به.
    • المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى أنّ حكم النذر يختلف باختلاف نوع النذر كالآتي:
      • النذر المطلق؛ وهو أن يُلزم المكلّف نفسه قُربةً؛ شكراً وثناءً لله لحصول نعمةٍ أو دفع نقمةٍ وشرٍ، كمن نجّاه الله من كُربةٍ أو رزقه الله مالاً، فهذا النوع حكمه الندب.
      • النذر المعلّق؛ وهو أن يُلزم المكلّف نفسه قُربةً يعلّقها على حصول شيءٍ ما في المستقبل، ويتفرّع إلى نوعين بيانهما فيما يأتي:
        • تعليق الناذر نذره على شيءٍ لا علاقة له فيه، كأن يقول: "إن شفى الله مريضي فعليّ كذا"، وهذا النوع من النذر اختُلف في حكمه إلى قسمين كالآتي:
          • إن لم يعتقد الناذر أنّ في نذره نفعٌ في تحقيق الغرض منه؛ فبعضهم قال بالكراهة، وبعضهم قال بالجواز.
          • إن اعتقد الناذر أنّ في نذره نفعٌ في نيله غرضه؛ فحكمه حرامٌ؛ لأنّه بذلك خالف قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ).
        • تعليق الناذر نذره على أمرٍ أو شيءٍ من فعله، كأن يقول: "إن فعلت كذا فعليّ كذا"، فحكمه الكراهة ويجب عليه الوفاء به بعد وقوعه.
      • النذر المكروه، وهو أن يُلزم المكلّف نفسه فعل شيءٍ مكروهٍ، كأن يقول: "لله عليّ أن أصوم كُلّ يومٍ"، فحكمه الكراهة؛ لثقل فعله على النفس، إلّا أنّه يجب الوفاء به بعد وقوعه.
      • نذر شيءٍ لا يستطيعه الناذر؛ فحكمه حرامٌ.
    • الشافعيّة: ذهب الشافعيّة إلى أنّ حكم النذر ينقسم إلى قسمين كالآتي:
      • إن كان النذر نذر طاعةٍ، فهو قُربةٌ؛ وذلك لأنّه مناجاةٌ لله تعالى.
      • إن كان النذر نذر لجاجٍ للمخاصمة*؛ فهو مكروهٌ؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد نهى عنه بقوله: (لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ).
    • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أنّ النذر مكروهٌ وإن كان طاعةً؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نهى عنه حيث قال: (إنَّه لا يَأْتي بخَيْرٍ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ)، فالناذر بنذره لا يُمكنه تغيير ما يقع، ولا إحداث شيءٍ جديدٍ، ويجب عليه الوفاء بنذره بعد وقوعه.

 

شروط الناذر:

 

لا بدّ للناذر* من شروطٍ تتوفّر فيه حتى يصحّ النذر منه، وهي:

  • أن يكون مسلماً، فالنذر من غير المسلم لا يصحّ، فإن أسلم صحّ نذره.
  • أن يكون مكلّفاً، فالنذر من الصبيّ أو المجنون لا يصحّ.
  • أن يكون مختاراً، فالنذر من المكرَه لا يصحّ.
  • أن يكون ناطقاً، فالنذر بالإشارة لا يصحّ، إلّا إن كانت الإشارة مفهومة.
  • أن يكون نافذاً للتصرّف؛ أي صلاحيّة المسلم لصدور الفعل منه بصورةٍ يُعتدّ بها شرعاً‏، فالنذر من الصبيّ أو المجنون لا يصحّ؛ لأنّ الصبيّ والمجنون ليْسا أهلاً للالتزام.
شارك المقالة:
75 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook