وفيما يأتي بيان الحكم بشكل مفصّل للصلاة في البيت، سواء كانت فريضة أم نافلة:
شرع الله تعالى لنبيه -عليه الصلاة والسلام- سنن الهدى، وصلاة الفريضة في المسجد من تلك السنن، ولا شك أن صلاة الفريضة في البيت مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من سرَّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فلْيحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيثُ يُنادَى بهنَّ)، بالإضافة إلى أن أداء صلاة الفريضة في البيت مشابهة لحال المنافقين، إذ لم يكن يتخلّف عن صلاة الجماعة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا منافقٌ معلوم النفاق، ومما يدل على حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على أداء صلاة الفريضة في المسجد، إتيانهم بالمريض منهم وهو يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصف، وقال بعض أهل العلم بعدم رخصة ترك صلاة الجماعة في المسجد إلا بعذر، وذلك لما ورد من الأحاديث النبوية بالتشديد على الصلاة في البيت، والتخويف من ترك الصلاة في المسجد، ومنها ما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن سمِع النِّداءَ فلم يُجِبْ فلا صلاةَ له إلَّا مِن عذرٍ)، وفي الحقيقة أن للعلماء عدة أقوال في حكم صلاة الجماعة في المسجد، وفيما يأتي بيانها:
على الرغم من أن صلاة الفريضة في المسجد أفضل من أدائها في البيت، إلا أن صلاة النافلة في البيت أفضل من أدائها في المسجد، باستثناء النوافل التي يُسن الاجتماع لها في المسجد؛ كصلاة الكسوف، أو التنفل قبل صلاة الجمعة، ومما يدل على أن صلاة النافلة في البيت أفضل من المسجد، ما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اجعَلوا من صلاتِكم في بيوتِكم، ولا تتخِذوها قبورًا)، وقد بين الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من الحديث هو الصلاة في البيوت وعدم جعلها كالقبور مهجورةً من الصلاة، والمراد بذلك صلاة النافلة، أي صلوا النوافل في بيوتكم، ومن الأحاديث التي تدل على أفضلية صلاة النافلة في البيت ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا قضى أحدُكم الصلاةَ في مسجده، فليجعلْ لبيتِه نصيبًا من صلاتِه، فإنَّ اللهَ جاعلٌ في بيتِه من صلاتِه خيرًا)، والمقصود أداء صلاة الفرض في المسجد، وأداء النوافل في البيت، لأن في ذلك عمارة للبيت بذكر الله تعالى، وحضور الملائكة واستبشارهم، فتعُمّ بذلك البركة على البيت وأهله.
موسوعة موضوع