أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بآل بيته، حيث قال: (وأهلُ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي)،[١] ولذلك فإنّ لآل البيت مكانةٌ عظيمةٌ في قلوب المسلمين، ودرجةٌ عاليةٌ في الدين، ولهم فضائلٌ كثيرةٌ، منها: قول الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، فيجب على المسلمين محبتهم وموالاتهم، تنفيذاً لوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
رُزق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأربع بناتٍ من زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أكبرهنّ سنّاً زينب، ثمّ رقية، ثمّ أم كلثوم، ثمّ فاطمة رضي الله عنهنّ جميعاً.
فاطمة الزهراء رضي الله عنها
هي فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وُلدت قبل البعثة بخمسة أعوامٍ، وكانت تُكنّى بالزهراء، تزوّجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد معركة بدر، وكان مهرها حينئذٍ وسادةٌ من أدم، حشوها الليف، ولم يكن في بيتها سوى جرّتين، ورحيين، وسقاءٍ، على الرغم من كونها سيدة نساء أهل الجنة، وأنجبت خمسة أولاد، وهم: الحسن، والحسين، ومُحسن، وأم كلثوم، وزينب، ولا بُدّ من الإشارة إلى عظيم فضائلها، فقد كانت أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مصداقاً لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما رأَيْتُ أحَداً أشبَهَ سَمْتاً، ودَلّاً، وهَدْياً برسولِ اللهِ في قيامِها وقعودِها مِن فاطِمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالَتْ: وكانَتْ إذا دخلَتْ على النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قام إليها فقبَّلها، وأجلَسها في مجلِسِه، وكان النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا دخَل عليها قامَتْ مِن مجلِسِها فقبَّلَتْه، وأجلَسَتْه في مجلِسِها)، بالإضافة إلى ما رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ هذا ملَكٌ لم ينزلِ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ استأذنَ ربَّهُ أن يسلِّمَ عليَّ، ويبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدةُ نساءِ أَهْلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسَنَ والحُسَيْنَ سيِّدا شبابِ أَهْلِ الجنَّةِ).
زينب رضي الله عنها
هي زينب بن محمد بن عبد الله الهاشمية القرشية، وُلدت قبل البعثة بعشرة أعوامٍ، فهي أكبر بنات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأول من تزوّجت منهن، حيث تزوّجها أبو العاص بن الربيع العبشمي ابن خالتها هالة بنت خويلد، وأنجبت منه علي، وأمامة، ولمّا بُعث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كانت من السبّاقين للإسلام، وأُوذيت في سبيل الله، وصبرت على ذلك، وعندما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، خرجت زينب مهاجرةً مع ابن كنانةٍ، فلحق بهم أحد المشركين، وكان يُدعى هبار بن الأسود، وأخذ يطعن بعيرها برمحه حتى وقعت عن ظهره، وألقت ما في بطنها، ونزفت الدماء، ثمّ حُملت إلى بني هاشم، وبقيت عند هند بنت عتبة حتى تعافيت، ثمّ هاجرت إلى المدينة المنورة، وروت أم المؤمنين عائشة أنّ رسول الله كان يقول: (زينبُ خيرُ بناتي، أُصِيبَتْ بي).
أم كلثوم رضي الله عنها
هي أم كلثوم بنت محمدٍ بن عبد الله الهاشمية القرشية، تزوّجت في الجاهلية من عتيبة بن أبي لهبٍ، ولمّا بُعث النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت من أوائل المسلمين، حيث أسلمت مع أمّها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وبعد نزول قول الله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)، قال أبو لهب لابنه عتيبة: (رأسي من رأسك حرام إن لم تطلّق ابنته)، فطلّقها قبل أن يدخل بها، وبقيت في مكّة مع أبيها، ثمّ هاجرت إلى المدينة، وعاشت معه إلى أن توفيت أختها رقية رضي الله عنها، فتزوّجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في العام الثالث للهجرة، وبقيت عنده إلى أن توفيت رحمها الله، فصلّى عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودعا لها بالرحمة والمغفرة والبركة، ونزل في حفرتها أسامة بن زيدٍ، وعلي بن أبي طالب، والفضل بن العباس رضي الله عنهم.
رقية رضي الله عنها
هي رقية بنت محمدٍ بن عبد الله الهاشمية القرشية، وُلدت قبل بعثة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بسبعة أعوامٍ، وقد أجمع العلماءعلى أنّ زينب أكبر بنات النبي سنّاً، واختلفوا في التي تليها، حيث روي أنّ زينب وُلدت والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الثلاثين من عمره، ثمّ ولدت رقية وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، وتزوّجت رقية في الجاهلية من عتبة بن أبي لهب، وكانت أختها أم كلثوم زوجة أخيه عتيبة، ولمّا نزل قول الله في أبي لهبٍ، أمرهما بفراق أم كلثوم ورقية، فطلّق عتبة رقية، فأبدلها الله تعالى خيراً منه، فتزوجها أحد العشرة المبشرين بالجنة، والسابقين إلى الإسلام، عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبعد زواجهما هاجرا إلى الحبشة، وهناك رزقهما الله تعالى ولداً أسموه عبد الله، وبه كان يكنّى عثمان رضي الله عنه، ولكنّه توفي عندما بلغ السادسة من عمره، ثمّ هاجرت مع زوجها إلى المدينة، وتجدر الإشارة إلى عظم مكانة رقية عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فعندما مرضت يوم بدر أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- زوجها عثمان بالتخلّف عن المعركة، والبقاء في المدينة لرعايتها، وقال له: (إنَّ لك أجرُ رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمَه)، وقد توفّيت في ذلك المرض، ولمّا رجع النبي -عليه الصلاة والسلام- من غزوة بدرٍ، وجد عثمان قد انتهى من دفنها.
موسوعة موضوع