يُعرَف مرض الإيدز، أو التَنَقْصُم (نحت تناذر نقص المناعة المكتسبة)، أو السيدا، أو متلازمة نقص المناعة المكتسبة (بالإنجليزيّة: Acquired Immunodeficiency Syndrome)، والمعروف اختصاراً (AIDS)، على أنّه مرض مُزمن يُمكن أن يُسبّب الوفاة، ناجم عن الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ (بالإنجليزية: Human Immunodeficiency Virus)، والمعروف اختصاراً (HIV)، وفي الحقيقة، يُعد مرض الإيدز مرحلة مُتقدمة من الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، وفيها يحدث تلف في الجهاز المناعي للشخص، إذ يُمكن أن يتسبّب الفيروس بانخفاض أعداد كريّات الدم البيضاء (بالإنجليزية: White Blood Cells) وهي أحد خلايا جهاز المناعة، لِتصل إلى مرحلة تفقد قدرتها على محاربة الالتهابات الشديدة وبعض أنواع السرطانات، وتجدر الإشارة إلى أنّ مُعظم الأشخاص المصابين بمرض الإيدز قد يعانون من مضاعفاتٍ خطيرة ويحتاجون إلى علاج طبيّ لتقليل احتمالية حدوث الوفاة، وبشكلٍ عام، إنّ كلّ حرف من كلمة الإيدز الإنجليزية (AIDS) يُمثل اختصارًا لكلمة مُعينة، ويمكن بيان كل منها فيما يأتي:
وفقًا للبيانات التي تم الإبلاغ عنها تمّ رَصد أول حالة إصابة بالإيدز عام 1981م في الولايات المُتحدة الأمريكيّة، وقد صُنّف فيروس العوز المناعيّ البشريّ في الفترة الحاليّة على أنّه وباء عالمي كبير، حيث تُشير إحدى الدراسات التي أجراها برنامج الأُمم المتحدة المشترك لفيروس العوز المناعيّ البشريّ/الإيدز (بالإنجليزيّة: Joint United Nations Programme on HIV/AIDS)، والمعروف اختصاراً (UNAIDS)، إلى أنّ عدد الأشخاص المصابين بفيروس العوز المناعيّ البشريّ أو الإيدز قد بلغ حوالي 37.9 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2018م، ومن بين هؤلاء، كان هناك حوالي 36.2 مليون شخص بالغ ونحو 1.7 مليون طفل تقلّ أعمارهم عن 15 سنة.
في الحقيقة، تختلف أعراض مرض الإيدز من شخصٍ لآخر، كما يعتمد ظهور الأعراض على عواملٍ عدّة؛ من بينها الشخص المُصاب نفسه، ومرحلة المرض التي يُعاني منها، وبشكلٍ عام، تنقسم أعراض الإصابة بهذا المرض إلى ثلاثة مراحل: العدوى الأوليّة، ومرحلة العدوى السريرية الكامنة، ومرحلة الإيدز، ويُمكن بيان تفصيل كل منها فيما يأتي:
كما ذكرنا سابقاً يحدث مرض الإيدز نتيجة الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ HIV، بحيث يُهاجم الجهاز المناعيّ في الجسم، مما يؤدي إلى تلفه بشكلٍ تدريجيّ، ويفقد قدرته على محاربة العدوى، ممّا يجعل الجسم أكثر عُرضةً للإصابة بالأمراض المُختلفة، ومن الجدير ذكره أنّ حدوث ضُعف في الجهاز المناعي يُمكن أن يؤدي إلى تطوّر فيروس العوز المناعيّ البشريّ إلى مرض الإيدز في حال عدم تلقي العلاج، وبالرغم من ذلك، فإنّ تطوّر العقاقير العلاجيّة المضادة لفيروس العوز المناعيّ البشريّ قللت أعداد الأشخاص الذين يصِلون إلى هذه المرحلة، وحول آلية عمل الفيروس في الجسم فهو يقوم بالالتصاق بالخلايا الليمفاوية من نوع CD4، والتي تعمل على حماية الجسم من البكتيريا، والفيروسات، والجراثيم الأخرى، وبمجرد التصاقه بها فإنّ الفيروس يدخل إلى هذه الخلايا ويبدأ باستخدامها لمُضاعفة نفسه وتشكيل آلاف النُّسخ منه، وبعدها تُغادر نسخ الفيروس الخلايا وتُدمرها، وتستمر هذه العملية حتى ينخفض عدد الخلايا الليمفاوية من نوع CD4 بشكلٍ كبير؛ إلى الحد الذي يتوقف عنده نظام المناعة عن العمل، ومن الجدير ذكره أنّ هذه العمليّة قد تستغرق ما يصِل إلى عشرة سنوات، يُمكن أن يبقى خلالها الشخص بصحةٍ جيدة.
بشكلٍ عام يُعد مرض الإيدز من الأمراض المُعدية، ويُمكن أن ينتقل فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق الاتصال المُباشر مع بعض السوائل التي تُفرَز من جسم شخص مصاب بالفيروس؛ مثل: السائل المنوي، أو الدم، أو الإفرازات المهبليّة، أو المنيّ، أو سوائل المستقيم، كما يُمكن أن تنتقل العدوى بهذا الفيروس من الأم إلى طفلها أثناء الحمل، والمخاض، والولادة، والرضاعة الطبيعية، واستنادًا إلى البيانات التي نشرها برنامج الأُمم المتحدة المشترك لفيروس العوز المناعيّ البشريّ/الإيدز فإنّ نسبة خطر انتقال الفيروس إلى الطفل قبل الولادة وخلالها تُقدّر بحوالي 15-30%، وهناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على خطر العدوى، أهمُّها الحِمل الفيروسيّ للأم عند الولادة، حيثُ كُلّما زاد الحِمل الفيروسيّ، زاد خطر انتقال الفيروس إلى الطفل. وهُناك العديد من العوامل والطرق التي تزيد من احتمالية انتقال فيروس العوز المناعيّ البشريّ من مُصاب إلى سليم، ويُمكن بيان أبرزها فيما يأتي:
تجدر الإشارة إلى أنّه لا تحدث الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق مُعانقة، أو مُصافحة شخص مصاب بالفيروس، كما أنّ الفيروس لا ينتقل عن طريق لمس الأسطح الملوثة بالفيروس؛ مثل: مقاعد المرحاض، أو مقابض الأبواب، أو الأطباق التي يستخدمها شخص مصاب بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، ولا يُمكن للفيروس أن ينتشر عن طريق الهواء، أو في الماء، أو عن طريق لدغات الحشرات كالبعوض، أو القراد، أو الحشرات الأخرى الماصّة للدم.
غالباً ما يتم تشخيص فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق إجرء فحوصاتٍ مخبريّة، ويجب التنويه إلى أنّ الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان الشخص مصابًا بفيروس نقص المناعة البشريّ أم لا هي إجراء الاختبارات المعنية بذلك، فقد لا تظهر أية أعراض لدى العديد من المرضى وقد يشعرون بصحةٍ جيدة بالرغم من إصابتهم بالفيروس، ويوصى عادةً بإجراء فحوصات الإيدز لجميع الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عامًا مرةً واحدةً على الأقل خلال فترة حياتهم، كذلك الأمر للأشخاص الأكثر عُرضةً للإصابة بمرض الإيدز فقد يستلزم الأمر إجراء عدّة فحوصات للتأكد من إصابتهم بالفيروس أو نفي ذلك، كما يجب أن تخضع جميع النّساء لفحص فيروس العوز المناعيّ البشريّ خلال فترة الحمل، ومن الجدير ذكره أنّ هناك ثلاثة أنواع من الاختبارات التي يُمكن اللجوء إليها لتشخيص الإصابة بمرض الإيدز، وهي: اختبار الحمض النووي (بالإنجليزيّة: Nucleic acid test)، والمعروف اختصاراً بـ (NAT)، واختبارات المُستَضد/الأجسام المضادة (بالإنجليزيّة: Antigen/Antibody tests)، واختبارات الأجسام المضادة (بالإنجليزيّة: Antibody tests)، وتُجرى هذه الاختبارات عادةً عن طريق أخذ عينة من الدم أو سوائل الفم، كما يمكن إجراؤها على البول في حالاتٍ مُعينة، ويُمكن بيان تفصيل كلٍّ منها على النّحو التالي:
ومن الجدير ذكره أنّه في حال كانت نتيجة أيٍّ من الاختبارات السابقة الثلاثة سلبية، فقد يحتاج المريض إلى متابعةٍ مُستمرةٍ على مدى عدة أسابيع إلى شهور وذلك لتأكيد النتيجة وخلوّ الجسم من الفيروس، وكذلك الأمر في حال كانت نتيجة أيّ من هذه الاختبارات إيجابية، فإنّه ينبغي مُتابعة المريض أيضاً من خلال إجراء فحوصات أُخرى لتأكيد النتيجة وإصابته بهذا الفيروس، ويجدُر التأكيد على أنّ النتيجة الإيجابية للفحوصات السابقة تعني وجود فيروس العوز المناعي البشري وليس بالضرورة أن يكون الشخص قد وصل إلى مرحلة الإصابة بالإيدز، فكما تمّت الإشارة سابقًا أنّ مرض الإيدز يُعدّ مرحلةً متطورة من فيروس العوز المناعي البشريّ، وهذا يعني أنّه ليس كل شخص مصاب بهذا الفيروس هو شخص مُصاب بمرض الإيدز، وتجدر الإشارة إلى أنّ تطوّر الفيروس إلى مرض الإيدز يعتمد بشكلٍ عام على تلقّى المريض للعلاج أو مدى اعتنائه بصحته، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّه وفي حال وجود عدوى بفيروس العوز المناعي البشري فيُمكن الاستدلال على دخوله في مرحلة الإيدز من خلال طريقتين؛ تطور العدوى الانتهازية أو عدد خلايا CD4، ويتمثل ذلك بتطوّر واحد أو أكثر من أشكال العدوى العدوى الانتهازية بغضّ النظر عن عدد خلايا CD4، أو في حال انخفاض عدد خلايا CD4 إلى أقلّ من 200 خليّة لكل ملليمتر مكعب، مع الأخذ بالاعتبار أنّ عدد خلايا CD4 الطبيعيّ لدى الأشخاص الأصحّاء يتراوح بين 500-1600 خليّة لكل ملليمتر مكعب.
في الحقيقة، لا يوجد حتى الآن أيّ لقاح للوقاية من الإصابة بفيروس العوز المناعيّ البشريّ، كما أنّه لا يوجد علاج يُحقق التعافي التام من مرض الإيدز، ولكن يُمكن تثقيف النفس حول فيروس العوز المناعيّ البشريّ، واتباع بعض الإجراءات التي قد تَحد من الإصابة بالعدوى؛ بما في ذلك تجنّب لمس أيّ سوائل جسديّة من شأنها نقل العدوى، وفيما يأتي بيان أبرز طُرُق الوقايّة من مرض الإيدز:
يُنصح بالبدء بعلاج المريض فوَرَ تشخيص إصابته بفيروس العوز المناعي البشري، ويوصى الخبراء بطلب العلاج في أقرب وقت ممكن، والالتزام بأخذ العلاج بشكلٍ منتظم على النّحو الموصى به من قِبل الطبيب، فذلك سيساعد في الحفاظ على صحة المريض ويوفر له حياة جيدة، ويصِف الأطباء عادةً الأدويّة المضادة للفيروسات القهقريّة التي تقوم في مبدأ عملها على الحدّ من تكاثر هذا النوع من الفيروسات في جسم الإنسان، ومن الجدير ذكره أنّ العلاج المُبكر بهذا النوع من الأدوية له فوائد على المدى الطويل؛ أهمّها الحفاظ على قوّة الجهاز المناعيّ، وحتّى في المراحل المتأخرة من مرض الإيدز فإنّ العلاج يُوصف بهدف الحفاظ على صحة الجهاز المناعي قدر الإمكان، وبشكلٍ عامّ يُعد العلاج بالأدويّة المضادة للفيروسات القهقريّة مُهمًا بشكلٍ خاص لمُصابي فيروس العوز المناعي البشري من النّساء الحوامل، وممّن تظهر لديهم أعراض مَرض الإيدز، ومن يُعانون أيضًا من أنواعٍ أخرى من العدوى؛ كالتهاب الكبد (بالإنجليزيّة: Hepatitis) أو السلّ (بالإنجليزيّة: Tuberculosis)، وفي حال أصيب المريض بعدوى انتهازيّة مُرتبطة بمرض الايدز فسيقوم الطبيب بوصف العلاجات المُناسبة للسّيطرة على هذه العدوى.
قد يقوم الطبيب بإجراء اختبارات مخبريّة قبل البدء بالعلاج؛ مثل: اختبار النمط الجينيّ (بالإنجليزيّة: Genotype test)، أو اختبار المقاومة (بالإنجليزيّة: Resistance test)، وذلك بهدف تحديد الخطّة العلاجيّة الأكثر فعاليّة للمريض، إذ إنّ علاج فيروس العوز المناعي البشري يقوم على استخدام عدّة أنواع من الأدوية، وإنّ الأدوية المُختلفة تعمل على مقاومة الفيروس في مراحله المُختلفة، وسيتمّ النظر في الخيارات العلاجيّة المُتاحة، مع مراعاة بعض الأمور؛ مثل: الجُرعة وعدد حبوب الدواء التي سيحتاجها المريض، والتفاعلات الدوائية، والآثار الجانبية المُحتملة، وكما ذُكر سابقاً يتم علاج فيروس العوز المناعيّ البشريّ عن طريق تناول مزيج من الأدوية المُضادة للفيروسات القهقريّة، ولحسن الحظ توافر تركيبات دوائية تحتوي على ثلاثة أنواع من هذه الأدوية في حبةٍ واحدة، بحيث تؤخذ جرعة فمويّة واحدة منه بشكلٍ يوميّ، ولدى كل تركيبة دوائية منها إيجابيّات وسلبيّات، ومن الجدير ذكره أنّ كلّ نوع من الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة يعمل بطريقةٍ مختلفة، لهذا السبّب فإنّ استخدام مزيج من أنواعٍ مُختلفة من الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة والتي تتمثّل عادةً بدمج ثلاثة أدوية على الأقل، يُعدّ أفضل من استخدام دواء واحد أو اثنين فقط، إلا في بعض الحالات الخاصّة جداً، إذ إنّ استخدام دواء واحد أو اثنين قد يتسبّب بتكيّف الفيروس وزيادة مقاومته للدواء، ممّا قد يؤدي إلى فشل العلاج، وبشكلٍ عامّ تجدر الإشارة إلى أنّ الآثار الجانبية الناتجة عن استخدام الأدويّة المُضادة للفيروسات القهقريّة قابلة للسّيطرة عليها وتقليل حدوثها باتباع توصيات الطبيب وإرشاداته، ويجدر التنويه إلى أنّه ينبغي على المريض ألاّ ينقطع عن تناول الدواء بمجرد الشعور بالتحسّن، إذ إنّ الحرص على تناول العلاج الدوائيّ ومراجعة الطبيب بشكل مُنتظم من شأنه تطوير حالة تُعرف بالكبت الفيروسيّ (بالإنجليزيّة: Viral suppression)؛ ويعني ذلك انخفاض كميّة الفيروس إلى مستوى غيرُ قابلٍ للكشف عنه عند إجراء الاختبارات التشخيصيّة، ويُعتبر ذلك هدف مهم للعلاج.