يحرم على الحائض أن تصوم فرض رمضان، كما يحرم عليها أن تصوم النافلة حال حيضها، وقد أجمع العلماء على ذلك، فإن صامت لم يصحّ صومها، والحكمة من تحريم صوم الحائض فيها رأيان؛ أحدهما أنّ الأمر تعبُّدي لا علاقة له بالطهارة، حيث يصحّ الصوم من الجُنُب، والرأي الآخر أنّ صوم الحائض فيه ضرر على بدنها؛ إذ يجتمع عليها ألم الحيض، وتعب الصيام.
إذا طهرت الحائض خلال نهار رمضان فهي في لزوم الإمساك، وعدمه بين قولَين، كما يأتي:
يجوز للمرأة أخذ أدوية لتأخير الدورة إن لم يكن ثمة ضرر عليها، أما في حالة كان تعاطي الدواء يسبب ضرراً عند أخذه فيعد تناوله من الأمور المحرمة وهذا ما يحدده الطبيب، وفي حالة تم أخذ الدواء فإن الصوم في حالة تأخر الدورة الشهرية صحيح إذ لا علاقة بين حكم أخذ الدواء وصحة الصيام، ومن الأفضل للمرأة أن تترك الأمور على الهيئة التي أرادها الله.
ذهب جمهور الفقهاء إلى صحة صيام الحائض إذا طهرت من الحيض قبل الفجر، حتى وإن لم تغتسل، واستدلوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)، ووجه الاستدلال في ذلك أنّ للرجل أن يباشر زوجته حتى يطلع الفجر، وهذا يقتضي أن يكون الاغتسال بعد الفجر، وصيامه صحيح.
الاستحاضنة تعني: استمرار نزول الدم على الحائض بعد انقضاء مدّة حيضها المعتادة، والدم الذي ينزل عليها هو دم نزيف، أو ما يُعرَف بدم الاستحاضة؛ فإن كانت دورتها الشهرية منتظمة؛ بحيث يكون لها عدد ثابت من الأيّام، وتنزل في وقت ثابت، فإنّها تتطهّر، وتصوم، وتُصلّي حال انقضاء مدّة دورتها، حتى وإن نزل عليها دم الاستحاضة؛ إذ إنّ سببه قد يكون مرضاً، او إجهاداً، وما إلى غير ذلك من الأسباب، ولا يمنع نزول دم الاستحاضة المرأةَ من أداء العبادات، وحُكمها حُكم الطاهرة؛ ودليل ذلك الحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وليسَ بحَيْضٍ، فَإِذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي - قالَ: وقالَ أبِي: - ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حتَّى يَجِيءَ ذلكَ الوَقْتُ.)، ويمكن للمرأة أن تُميّز دم الحيض عن دم الاستحاضة بالعلامات المُميّزة لكلٍّ منهما؛ فهما مختلفان في اللون، والرائحة، والكثافة، فإن لم تستطع التمييز، التزمَت بعدّ الأيّام الثابتة لدورتها الشهريّة.
يجب على الحائض أن تقضي ما أفطرته في شهر رمضان بسبب الحيض؛ ودليل ذلك ما روته معاذة، إذ قالت: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ.)، وقد حكى ابن المنذر وغيره إجماعَ العلماء على ذلك، ويجوز للمرأة التي أفطرت في رمضان بسبب الحيض أن تُؤخّر القضاء إذا لم يكن الوقت ضيّقاً، مع بقاء الأصل في الإسراع بقضاء الصوم الواجب، واختلفوا في ترتُّب الإثم على من جاء عليه رمضان آخر ولم يقضِ، كما يأتي:[١٢]
موسوعة موضوع