يُعرّف اكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum depression) على أنه اضطراب نفسي يحدث في فترة بعد الولادة ويؤثر في السلوك والصحة الجسدية للمرأة، حيث تشعر المُصابة باكتئاب ما بعد الولادة باليأس، والفراغ، والحزن، ويؤثر هذا الشعور في حياتها الشخصية ويلازمها طوال اليوم، فلا يكون هناك تواصل بين الأم المُصابة ورضيعها، فقد لا تشعر بالحب اتجاهه، وقد لا تعيره الاهتمام اللازم، وقد تشعر بأنه ليس طفلها، بالإضافة إلى الشعور بالقلق، والتهيج، وحدوث اضطرابات في الأكل والنوم، وتجدر الإشارة إلى أنّ تشخيص الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة يتطلب مراجعة الطبيب المختص؛ إذ إنّ ظهور هذه الأعراض لا يعني بالضرورة المعاناة من هذه المشكلة الصحية، فمن شروط تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب النفسي استمرار ظهور الأعراض لأكثر من أسبوعين وبصورة تؤثر في حياة المرأة ورعايتها لمولدها بصورة واضحة، ومن الجدير بالعلم أنّ أعراض اكتئاب ما بعد الولادة تظهر في الفترة التي تتراوح ما بين 4 إلى 6 أسابيع من الولادة، ولكنها في بعض الحالات قد تظهر بعد عدة شهور، ومن الجدير بالذكر أن شدة الإصابة بهذا النوع من الاكتئاب تترواح ما بين البسيطة إلى الشديدةوتُعدّ هذه الحالة من الحالات الشائعة؛ حيث تصاب بها سيدة واحدة من بين كل تسع نساء، وذلك بالاستناد إلى نتائج مراكز مكافحة الأمراض واتقائها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) ومن الأخبار الجيدة أنّ اكتئاب ما بعد الولادة يُعدّ اضطرابًا نفسيًا يمكن علاجة بالاستشارات الطبية، ومجموعات الدعم، والعلاجات الدوائية، وما يتوجب ذكره أن اكتئاب ما بعد الولادة لا يُعدّ ضعفًا في شخصية الأم أو عيبًا فيها، وكما ذُكر سابقاً يُمكن للعلاج الفوري أن يُساعد على التحكم بأعراض الاكتئاب لدى الأم ومساعدتها على الارتباط بطفلها، ويُشار إلى أنّ اكتئاب الحمل والولادة من الأمور التي يتوقّع تحسّنها بدرجة كبيرة ولا تستلزم علاجاً لفترات طويلة كما هو الحال في بعض أنواع الاكتئاب الأخرى، ولكن من المحتمل تكرار عودة الاكتئاب في الأحمال التالية
ويجدر التنبيه إلى أنّه توجد حالة أخرى قد تصيب الأمهات الجدد في فترة ما بعد الولادة يطلق عليها مصطلح كآبة الأمومة أو الكآبة النفاسية (بالإنجليزية: Baby Blues)، وتحدث هذه الحالة بسبب التغير المفاجئ في الهرمونات بعد الولادة إلى جانب التوتر، وقلة النوم، والارهاق الذي تتعرض له غالبية الأمهات الجدد، حيث تظهر على الأم بعض أعراض الاكتئاب في أول يومين من الولادة، وتصل هذه الأعراض ذروتها بعد حوالي سبعة أيام، ثم تبدأ بالتلاشي في نهاية الأسبوع الثاني من الولادة، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الحالة لا تؤثر في حياة الأم ووظيفتها، وتعد أمراً طبيعياً، حيث إنّ الأم لا تحتاج خلالها إلى تلقي أي نوعٍ من أنواع العلاجات، لكنها تشعر خلال هذه الفترة بالحزن، والقلق، والتهيج، وتزداد رغبتها بالبكاء، ويجب التنبيه إلى أنه في حال استمرار ظهور هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين، أو ازدادت سوءًا، فيتوجب مراجعة الطبيب المختص لاستبعاد الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
بالإضافة إلى ما سبق قد تُصاب بعض النساء بحالة نادرة يطلق عليها مصطلح ذهان ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Psychosis) (*)؛ وتتمثل بالمُعاناة من عدّة أعراض من بينها هلوسات سمعية أو بصرية وشعور المرأة بأنها ملاحظة أو مراقبة من قِبل الأشخاص المحيطين بها حيث تصيب هذه الحالة واحدة أو اثنتين من النساء من كل ألف امرأة، وتُعدّ النساء المصابات باضطرابات نفسية أخرى كاضطراب ثنائي القطب (*) (بالإنجليزية: Bipolar Disorder) أو الاضطراب الفصامي العاطفي المعروف أيضًا باضطراب الفصام الوجداني (*) (بالإنجليزية: Schizoaffective disorder) هنّ أكثر عرضة للإصابة بذهان ما بعد الولادة، وتبدأ الأعراض المصاحبة لهذه الحالة بالظهور خلال أول 48 إلى 72 ساعة من الولادة، وتتمثل الأعراض المرافقة لهذه الحالة برؤية أو سماع أشياء غير موجودة، والشعور بالارتباك، وتقلبات المزاج السريعة فقد تبكي السيدة بكاءً شديداً ثم تضحك بشكل هستيري مباشرةً، بالإضافة إلى ذلك قد تحاول السيدة المصابة بهذه الحالة إيذاء نفسها أو طفلها، وتتصرف بطريقة متهورة وانفعالية، ومثل هذه الحالات تتطلب مراجعة الطبيب بشكل فوريّ.
ولمعرفة المزيد عن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن قراءة المقال الآتي: (اكتئاب ما بعد الولادة وعلاجه).
تختلف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة من سيدة لأخرى وتتراوح في شدتها، لذلك لا يمكن تشخيص الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة إلا من قِبل الطبيب، كما يكمن دور الطبيب المختص في التفريق فيما إن كانت الأعراض تُعزى للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أو غي وفيما يأتي بيان لأعراض اكتئاب ما بعد الولادة
في سياق الحديث عن علامات اكتئاب ما بعد الولادة، يجدر التنبيه إلى ضرورة مراجعة الطبيب المختص في حال ظهور أي أعراض ترتبط بالمعاناة منه، ونخص بالذكر ضرورة مراجعة الطبيب في الحالات التالية: